كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 1)

رواية فما رئي في الناس يومئذ أشد منه. وروينا في صحيح مسلم عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها ارادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عباس ناد أصحاب السمرة وكان العباس رجلا صيتا فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة فاني يأتيني اللحن (فما رئى في الناس يومئذ أشد) بالرفع (منه) ففيه دليل على قوة شجاعته صلى الله عليه وسلم وثبات جأشه وقوة ثقته بربه سبحانه وفي رواية في الصحيح قال البراء كنا اذا احمر البأس نتقي به وان الشجاع منا للذي يحاذى به (فلزمت أنا وأبو سفيان) المغيرة (بن الحارث) بن عبد المطلب (رسول الله صلى الله عليه وسلم) مفعول (فلم نفارقه) قال النووي في هذا عطف الاقارب بعضهم على بعض عند الشدائد وذب بعضهم عن بعض (فروة) بفتح الفاء وسكون الراء (ابن نفاثة) بضم النون وتخفيف الفاء وبعد الالف مثلثة هذا هو الصحيح المعروف وفي رواية لمسلم بن نعامه بالعين والميم. قال الطبري أسلم وقال غيره لم يسلم وفي صحيح البخاري أهداها له ملك ايلة يحنه بن رؤية وانما قبل هدية الكفار هنا مع قوله في حديث آخر هدايا العمال غلول رواه أحمد والبيهقي في السنن عن أبي حميد الساعدى وأبو يعلي عن حذيفة مع رده بعض هدايا المشركين وقوله انا لا نقبل شيأ من المشركين رواه أحمد والحاكم عن حكيم بن حزام لاختصاصه صلى الله عليه وسلم بالفئ بخلاف غيره فقبل صلى الله عليه وسلم ممن طمع في اسلامه لمصلحة يرجوها للمسلمين لان الهدية توجب المحبة والمودة وأما غيره صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه والا كانت فيئا للمسلمين عند جمهور العلماء لانه لم يهدها اليه الا لكونه امامهم وان كانت من قوم هو محاصرهم فغنيمة (فطفق) بكسر الفاء أشهر من فتحها (يركض بغلته) في هذا كما قال النووي دليل أيضا على قوة شجاعته وثباته حيث يركض بغلته الى جمع المشركين وقد فر الناس عنه وفي رواية أخرى في صحيح مسلم انه نزل الى الارض حين غشوه للمبالغة في الثبات والشجاعة والصبر أو ليواسي من كان نازلا على الارض من المسلمين (وأنا آخذ) بضم المعجمة بلا تنوين فعل مضارع وبكسرها مع التنوين اسم فاعل (ناد أصحاب السمره) هى الشجرة التى بايعوا تحتها بيعة الرضوان وأراد صلى الله عليه وسلم ان يذكرهم ما بايعوا عليه يومئذ لانهم بايعوا يومئذ على أن لا يفروا (وكان العباس رجلا صيتا) أي شديد الصوت بحيث انه كان يقف على سلع فينادى غلمانه في آخر الليل وهم في الغابة فيسمعهم وبين سلع وبين الغابة ثمانية أميال ذكر ذلك الحازمي في المؤتلف (اين أصحاب السمره) زاد البيضاوي

الصفحة 420