كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 1)
القاسم الآبال رب هنيدة ... بحنين جاد بها على العربان
والقاسم الاغنام لا عدد لها ... الا بما يطيف به الجبلان
ولما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المقاسم الجليلة وأعطى العطايا الحفيله استشره جفاة العرب واجفوه في المسئلة حتى اضطروه الى سمرة فخطفت رداءه فقال اعطوني ردائى فلو كان لى عدد هذه العضاءة نعما لقسمته بينكم ثم لا تجدونى بخيلا ولا كذابا ولا جبانا وحتى قال له الاعرابى الا تنجز لى ما وعدتني فقال أبشر فقال أكثرت على من قول أبشر وقال له الآخر ان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فقال رحم الله موسى قد أوذى بأكثر من هذا فصبر وقال له آخر اعدل يا محمد قال ويحك ومن يعدل ان لم أعدل (القاسم الابال) بالكسر على الاضافة غير المحضة والابال جمع ابل (رب هنيدة) بالتصغير اسم للمائة من الابل كما ان الذود اسم لما بين والثلاث الي العشر والضرمة اسم لما بين العشرة الى الاربعين والهجمة اسم لما فوق ذلك والعكرة اسم لما بين الخمسين الى السبعين (بحنين) بلا صرف لضرورة الشعر (العربان) بضم العين (والقاسم الاغنام) جمع غنم وهو بالجر كما مر (لا عدد) بالتنوين لضرورة الشعر (يطيف به) بضم أوله رباعي أى يحيط به (الحفيلة) بفتح الحاء المهملة وكسر الفاء أي الكثيرة المجموعة والحفل كما في الصحاح الاجتماع (استشره) تطلع (جفاة العرب) أي أجلافهم (واجفوه) بفتح الفاء أي ألحوا عليه (حتى اضطروه) بهمزة وصل وتشديد الراء أى الجأوه (فخطفت) بكسر الطاء (هذه العضاءة) بالمهملة فالمعجمة على وزن المساة كما سبق (ثم لا تجدوني الى آخره) لمسلم انهم خيروني بين ان يسألوني بالفحش أو يبخلوني ولست بباخل أي انهم ألحوا على في السؤال لضعف ايمانهم والجأوني بمقتضي حالهم الى السؤال بالفحش أو نسبتى الى البخل ولست ببخل فينبغى احتمال واحد من الامرين قال النووي في الحديث مداراة أهل الجهالة والقسوة وتألفهم اذا كان فيه مصلحة وجواز دفع المال اليهم لهذه المصلحة (وحتي قال له الاعرابي) قيل هو الاقرع بن حابس (وقال له الاخر) هو معتب بن قثير سماه الواقدى وغيره (ان هذه القسمة ما أريد بها وجه الله) قال عياض حكم الشرع تكفير من سبه صلى الله عليه وسلم وقتله ولم يقتل هذا الرجل قال المازرى لانه لم يفهم منه الطعن في النبوة وانما نسبه الى ترك العدل في القسمة أو لعله صلي الله عليه وسلم لم يسمعه بل نقله عن واحد وشهادة الواحد لا يراق لها الدم قال وهذا الأويل باطل يدفعه قوله في الحديث اتق الله يا محمد واعدل يا محمد فانه خاطبه خطاب المواجهة بحضرة الملأ حتى استأذن عمر وخالد النبي صلى الله عليه وسلم في قتله فقال معاذ الله ان يتحدث الناس ان محمدا يقتل أصحابه فهذه هي العلة وسلك معه مسلك غيره من المنافقين الذين آذوه وسمع منهم في غير موطن ما يكرهه (وقال له آخر) هو ذو الخويصرة واسمه حرقوص بن زهير (فمن يعدل ان لم اعدل) في رواية ان لم يعدل الله ورسوله بين فيها
الصفحة 433
468