كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 1)

لا تجعلنها كمن شالت بعامته ... واستبق منا فانا معشر زهر
اذ أنت طفل صغير كنت ترضعها ... واذ يزينك ما تأتى وما تذر
انا لنشكر للنعمى اذا كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
فألبس العفو من قد كنت ترضعه ... من أمهاتك ان العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به ... عند الهياج اذا ما استوقد الشرر
انا نؤمل عفوا منك تلبسه ... هادي البريئة اذ تعفو وتنتصر
فاغفر عفا الله عما أنت راهبه ... يوم القيامة اذ يهدي لك الظفر
فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشعر قال ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقالت قريش ما كان لنا فهو لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم وقالت الأنصار ما كان لنا فهو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وروينا ذلك من عوالى شيخنا الامام الحافظ تقى الدين الراء جمع در بكسر الدال وهي كثرة اللبن (كمن شالت) باعجام الشين أي تفرقت (نعامته) بفتح النون وتخفيف المهملة يقال شالت نعامة القوم اذا رحلوا وتفرقوا أي لا تجعلنا كمن ارتحل عنك وتفرق ويكني به أيضا عن الموت وذلك لارتفاع القدم بالموت والنعامة باطن القدم قاله أبو البقاء وقال الشاعر
فليتما أمنا شالت نعامتها ... اما الى جنة اما الى نار
والمعنى على هذا لا تجعلنا كمن مات فلا ينتفع به في الحرب وغيرها والنعامة أيضا الظلم فيجوز أن يكون قوله شالت نعامتهم منه كما يقال زال سواده ومحي ظله اذا مات قاله السهيلى (واستبق) بكسر القاف (معشر) جماعة (زهر) بضم الزاى والهاء (واذ يزينك) بفتح أوله وكسر ثانيه من زان بمعنى زين (وما تذر) تترك (من امهاتك) اراد ما ذكرته على قوله على نسوة (من مرحت) بالمهملة وفتح الراء أي مشت مختالة (كمت) بضم الكاف وسكون الميم جمع كميت وهو من الخيل الشديد الحمرة قال في كفاية التحفظ ولا يقال كميت حتى يكون عرفه وذنبه أسودين فان كانا أحمرين فهو أشقر والورد ما بين الكميت والاشقر (الجياد) جمع جواد وهو الفرس الكريم السريع ويقال له اليعبوب أيضا (عند الهياج) جمع هيجاء بالمد والقصر وهي الحرب (استوقد الشرر) أى أوقدت نار الاشتعال للحرب (تلبسه) بضم أوله من ألبس (البريئة) بالنصب وهو بالهمز من قولهم برأ الله الخلق وبتركه في الاستعمال مع التشديد (راهبه) خائفه (يهدى) مبني للمفعول (الظفر) الفلاح (ما كان لى ولبني عبد المطلب فهو لكم الى آخره) فيه ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التأسى به وايثار ما يهواه صلى الله عليه وسلم وفيه صلة من هو منه بسبيل صلى الله عليه وسلم (من عوالى شيخنا) أي أسانيده العالية (تقى الدين) بالفوقية كما

الصفحة 439