كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل (اسم الجزء: 1)

وسلم يديه وقال اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة ثلاثا فقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه فمكث بعدها سبعا ومات فدفنوه ثلاث مرات فلم تقبله الارض فألقوه بين جبلين فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم خبره قال ان الارض لتقبل من أشر منه ولكن الله أراد ان يعظكم به في جرم ما بينكم بما أراكم منه رواه ابن اسحق وأبو داود وابن عبد البر وتفاوتت ألفاظهم فيه وروي كثير من المفسرين في سبب نزول الآية غير هذا ولا خلاف ان الذي لفظته الارض محلم بن جثامة والله أعلم* وفي هذه السنة ولد ابراهيم بن محمد صلى الله عليه وسلم وكان مولده في ذي الحجة مرجع أبيه من سفر الفتح وكانت قابلته سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه مارية بنت شمعون القبطية من هدايا المقوقس واسترضع عند أبي سيف (اللهم لا تغفر لمحلم) انما دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم زجرا وتنكيلا له ولغيره عن الجرأة على اراقة الدماء ولا يلزم من الدعاء عليه بعدم المغفرة عدم كونه مسلما ولا صحابيا لان عدمها انما يقتضى التعذيب على ذلك الذنب الصادر منه ثم ربما كان في الدنيا والآخرة وربما كان في أحداهما فقط وكان تعذيب محلم عدم قبول الارض له ولا يلزم من ذلك نفي صحبته وعدالته اذ قرينة الحال دالة على انه جاء تائبا (فمكث) مثلث الكاف والضم والفتح أشهر (بعدها) أى بعد هذه القصة قال في الشفاء كان مكثه (سبعا) أي سبعة أيام وهذا يرد ما مر آنفا عن السهيلي ثلاث مرات وفي الشفاء مرات بعد ذكر ثلاث (بين جبلين) وفي الشفاء بين صدين بضم الصاد وفتحها وتشديد الدال المهملتين والصد جانب الوادى (في جرم) بضم الجيم وسكون الراء (رواه) محمد (ابن اسحق) فى السيرة (وأبو داود) في السنن (و) ساق ابن عبد البر في الاستيعاب عن ابن عباس رضى الله عنهما (وروي كثير من المفسرين في سبب نزول الآية غير هذا) وهو انها انما نزلت في شأن اسامة بن زيد حين قتل مرداس بن نهيك بعد ان قال لا اله الا الله محمد رسول وقصته مشهورة أو فى نفر من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم مر عليهم رجل من بنى سليم معه غنم فسلم عليهم فقالوا ما سلم عليكم الا ليتعوذ منكم فقاموا فقتلوه وأخذوا غنمه وأتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله الآية رواه الشيخان وأبو داود والترمذى عن ابن عباس (لفظته) بكسر الفاء أي أخرجته* تاريخ ولادة ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وكان مولده في) يوم الاربعاء آخر يوم من (ذي الحجة) بكسر الحاء أشهر من فتحها كما مر (وكانت قابلته) بالفتح خبر كان و (سلمى) اسمها ويجوز عكسه وسلمى بفتح السين المهملة وسكون اللام بلا خلاف (مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقيل مولاة صفية عمته وهي زوجة أبي رافع وداية فاطمة الزهراء (مارية) بوزن حارثة (بنت شمعون) بفتح المعجمة وسكون الميم وضم المهملة (القبطية) نسبة الي القبط (المقوقس) بضم الميم وفتح القاف الاولى وكسر الثانية بينهما واو ساكنة كما مر (واسترضع) مبني للمفعول فيه كما قال النووي جواز الاسترضاع (أبي سيف) اسمه البراء بن أوس

الصفحة 458