كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 1)

أَهْلِ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى بَلْدَةٍ فَجَائِزٌ أَنْ يَنْسِبَ إِلَى الْقَرْيَةِ أَوْ إِلَى الْبَلْدَةِ أَيْضًا وَإِلَى النَّاحِيَةِ الَّتِي تِلْكَ الْبَلْدَةُ مِنْهَا أَيْضًا. انْتَهَى.
(وَأَنَا أَسْمَعُ) جُمْلَةً حَالِيَّةً، أَيْ قَالَ عُمَرُ بْنُ طَبْرَزْدَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ، وَالْحَالُ أَنِّي كُنْتُ سَامِعًا.
(قَالَ أَنَا الْقَاضِي) أَيْ قَالَ الْكَرُوخِيُّ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي، فَقَوْلُهُ " أَنَا " رَمْزُ إِلَى أَخْبَرَنَا، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ شَرْحِ مُسْلِمٍ: جَرَتِ الْعَادَةُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الرَّمْزِ فِي حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا، وَاسْتَمَرَّ الِاصْطِلَاحُ عَلَيْهِ مِنْ قَدِيمِ الْأَعْصَارِ إِلَى زَمَانِنَا وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَخْفَى، فَيَكْتُبُونَ مِنْ حَدَّثَنَا " ثَنَا " وَهِيَ الثَّاءُ وَالنُّونُ وَالْأَلِفُ، وَرُبَّمَا حُذِفَ الثَّاءُ، وَيَكْتُبُونَ مِنْ أَخْبَرَنَا " أَنَا " وَلَا تَحْسُنُ زِيَادَةُ الْبَاءِ قَبْلَ نَا. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: قَالَ النَّوَوِيُّ: كَانَ مِنْ مَذْهَبِ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ حَدَّثَنَا وَأْخَبَرَنَا: أَنَّ حَدَّثَنَا لَا يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ إِلَّا لِمَا سَمِعَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ خَاصَّةً، وَأَخْبَرَنَا لِمَا قُرِئَ عَلَى الشَّيْخِ، وَهَذَا الْفَرْقُ هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ، وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَشْرِقِ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْجَوْهَرِيُّ الْمِصْرِيُّ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ لَا يُحْصِيهُمْ أَحَدٌ، وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ، وَقَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ: وَتَخْصِيصُ التَّحْدِيثُ بِمَا سَمِعَ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ هُوَ الشَّائِعُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ اصْطِلَاحًا. انْتَهَى. قُلْتُ: وَكَذَا الْإِخْبَارُ مَخْصُوصٌ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّحْدِيثِ وَالْإِخْبَارِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ، وَفِي ادِّعَاءِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا تَكَلُّفٌ شَدِيدٌ، لَكِنْ لَمَّا تَقَرَّرَ فِي الِاصْطِلَاحِ صَارَ ذَلِكَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، فَتَقَدَّمَ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ، مَعَ أَنَّ هَذَا الِاصْطَلَاحَ إِنَّمَا شَاعَ عِنْدَ الْمَشَارِقَةِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ، وَأَمَّا غَالِبُ الْمَغَارِبَةِ فَلَمْ يَسْتَعْمِلُوا هَذَا الِاصْطِلَاحِ، بَلِ الْإِخْبَارُ وَالتَّحْدِيثُ عِنْدَهُمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ. قُلْتُ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَاهُنَا تَفْصِيلًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ سَمِعَ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ قَالَ: حَدَّثَنِي، وَمَنْ سَمِعَ مَعَ غَيْرِهِ جَمَعَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا، وَكَذَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَخْبَرَنِي وَبَيْنَ أَخْبَرَنَا.
(الْأَزْدِيُّ) مَنْسُوبٌ إِلَى الْأَزْدِ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ الْمُعْجَمَةِ، قَبِيلَةٌ (قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ) أَيْ أَخْبَرَنَا الْقَاضِي حَالَ كَوْنِهِ يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، أَوْ حَالَ كَوْنِهِ قَارِئًا عَلَيْهِ غَيْرِي وَأَنَا أَسْمَعُ، فَقَوْلُهُ قِرَاءَةً مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَوْ اسْمِ الْفَاعِلِ، مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِيَّةِ، قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي تَدْرِيبِ الرَّاوِي: قَوْلُ الرَّاوِي أَخْبَرَنَا سَمَاعًا أَوْ قِرَاءَةً هُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِمْ " أَتَيْتُهُ سَعْيًا " وَكَلَّمْتُهُ مُشَافَهَةً، وَلِلنُّحَاةِ فِيهِ مَذَاهِبٌ: أَحَدُهَا وَهُوَ رَأْيُ سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا مَصْادِرُ وَقَعَتْ مَوْقِعَ فَاعِلَ حَالًا، كَمَا وَقَعَ الْمَصْدَرُ مَوْقِعَهُ نَعْتًا، فِي " زَيْدٌ عَدْلٌ " وَأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إِلَّا مَا سُمِعَ وَلَا يُقَاسُ، فَعَلَى هَذَا اسْتِعْمَالُ الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الرِّوَايَةِ مَمْنُوعٌ لِعَدَمِ نُطْقِ الْعَرَبِ بِذَلِكَ، وَالثَّانِي

الصفحة 12