كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 1)

بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ الْبَيْتُ الْمُتَّخَذُ لِقَضَاءِ حَاجَةِ الإنسان أي التغوط قاله النووي وقال بن الْعَرَبِيِّ الْمَرَاحِيضُ وَاحِدُهَا مِرْحَاضٌ مِفْعَالٌ مِنْ رَحَضَ إِذَا غَسَلَ يُقَالُ ثَوْبٌ رَحِيضٌ أَيْ غَسِيلٌ وَالرُّحَضَاءُ عَرَقُ الْحُمَّى وَالرَّحْضَةُ إِنَاءٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ انْتَهَى
(فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ قاله القسطلاني (ونستغفر الله) قال بن الْعَرَبِيِّ يَحْتَمِلُ ثَلَاثَةَ وُجُوهٍ الْأَوَّلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ الثَّانِيَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ مِنْ ذُنُوبِهِ فَالذَّنْبُ يُذْكَرُ بِالذَّنْبِ الثَّالِثَ أَنْ نَسْتَغْفِرَ اللَّهَ لِمَنْ بَنَاهَا فَإِنَّ الِاسْتِغْفَارَ لِلْمُذْنِبِينَ سنة وقال بن دَقِيقِ الْعِيدِ قَوْلُهُ وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ قِيلَ يُرَادُ بِهِ لِبَانِي الْكَنِيفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَمْنُوعَةِ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ إِذَا اِنْحَرَفَ عَنْهَا لَمْ يَفْعَلْ مَمْنُوعًا فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ اِسْتِغْفَارٌ لِنَفْسِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّهُ اِسْتَقْبَلَ وَاسْتَدْبَرَ بِسَبَبِ مُوَافَقَتِهِ لِمُقْتَضَى النَّهْيِ غَلَطًا أَوْ سَهْوًا فَيَتَذَكَّرُ فَيَنْحَرِفُ وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فَإِنْ قُلْتَ فَالْغَالِطُ وَالسَّاهِي لَمْ يَفْعَلَا إِثْمًا فَلَا حَاجَةَ بِهِ إِلَى الِاسْتِغْفَارِ قُلْتُ أَهْلُ الْوَرَعِ وَالْمَنَاصِبِ الْعَلِيَّةِ فِي التَّقْوَى قَدْ يَفْعَلُونَ مِثْلَ هَذَا بِنَاءً عَلَى نِسْبَتِهِمْ التَّقْصِيرَ إِلَى أَنْفُسِهِمْ فِي عَدَمِ التَّحَفُّظِ اِبْتِدَاءً
انتهى كلام بن دَقِيقِ الْعِيدِ
قَالَ صَاحِبُ بَذْلِ الْمَجْهُودِ
يَعْنِي كُنَّا نَجْلِسُ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ نِسْيَانًا عَلَى وَفْقِ بِنَاءِ الْمَرَاحِيضِ ثُمَّ نَنْتَبِهُ عَلَى تِلْكَ الْهَيْئَةِ الْمَكْرُوهَةِ فَنَنْحَرِفُ عَنْهَا وَنَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى عَنْهَا وَتَأْوِيلُ الِاسْتِغْفَارِ لِبَانِي الْكُنُفِ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ قَالَ وَكَانَ بِنَاؤُهَا مِنْ الْكُفَّارِ وَبَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ أَنْ يَكُونَ بِنَاؤُهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ انْتَهَى
قُلْتُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِنَاؤُهَا مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانَ مَذْهَبُهُمْ جَوَازَ اِسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارِهَا فِي الْكُنُفِ وَالْمَرَاحِيضِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ فَلَيْسَ فِيهِ بُعْدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ثُمَّ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ كُنَّا نَجْلِسُ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ نِسْيَانًا إِلَخْ فِيهِ أَنَّ النِّسْيَانَ يَكُونُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَلَفْظُ كُنَّا نَنْحَرِفُ كَمَا فِي رِوَايَةٍ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ وَالتَّكْرَارِ فَتَفَكَّرْ
قَوْلُهُ (وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جُزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ) صحابي شهد فتح مصر واختطبها دَارًا مَاتَ سَنَةَ 68 سِتٍّ وَثَمَانِينَ بِمِصْرَ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِهَا مِنْ الصَّحَابَةِ (وَمَعْقِلِ بْنِ أَبِي الْهَيْثَمِ وَيُقَالُ مَعْقِلُ بْنُ أَبِي معقل) ويقال أيضا معقل بن أُمِّ مَعْقِلٍ وَكُلُّهُ وَاحِدٌ يُعَدُّ فِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ أَبُو سَلَمَةَ وَأَبُو زَيْدٍ مَوْلَاهُ وَأُمُّ مَعْقِلٍ تُوُفِّيَ فِي أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قاله بن الْأَثِيرِ وَقَالَ الْحَافِظُ لَهُ وَلِأَبِيهِ صُحْبَةٌ (وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ) أَمَّا

الصفحة 45