كتاب تحفة الأحوذي (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا
قَوْلُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأُحِبُّ لِكُلِّ مَنْ اِسْتَيْقَظَ مِنْ النَّوْمِ قَائِلَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا أَنْ لَا يُدْخِلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ فَإِنْ أَدْخَلَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا كَرِهْتُ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ يَفْسُدْ ذَلِكَ الْمَاءُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى يَدِهِ نَجَاسَةٌ) فَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ حَدِيثَ الْبَابِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ
قَالَ بن تَيْمِيَةَ فِي الْمُنْتَقَى وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ حَمَلُوا هَذَا يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ مِثْلَ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا اِسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيَاشِيمِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ انْتَهَى
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَإِنَّمَا مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ النِّزَاعِ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِنْثَارِ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى وُجُوبِهِ أَحَدٌ انْتَهَى وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا اِسْتَيْقَظَ مِنْ اللَّيْلِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي وَضُوئِهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَهَا فَأَعْجَبُ إِلَى أَنْ يُهْرِيقَ الْمَاءَ
قَالَ فِي الْمِرْقَاةِ ذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ إِلَى الظَّاهِرِ وَحَكَمَا بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ كَذَا نَقَلَهُ الطِّيبِيُّ
قَالَ الشُّمُنِّيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أحمد بْنِ حَنْبَلٍ وَدَاوُدَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَيْقِظِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ انْتَهَى مَا فِي الْمِرْقَاةِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَحْتَ حَدِيثِ الْبَابِ فِيهِ النَّهْيُ عَنْ غَمْسِ الْيَدِ فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْجَمَاهِيرَ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ فَلَوْ خَالَفَ وَغَمَسَ لَمْ يَفْسُدْ الْمَاءُ وَلَمْ يَأْثَمْ الْغَامِسُ وَحَكَى أَصْحَابُنَا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ يَنْجُسُ إِنْ كَانَ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ وَحَكَاهُ أَيْضًا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ وَالْيَدِ الطَّهَارَةُ فَلَا يَنْجُسُ بِالشَّكِّ وَقَوَاعِدُ الشَّرْعِ مُتَظَاهِرَةٌ عَلَى هَذَا
قَالَ ثُمَّ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْقِيَامِ مِنْ النَّوْمِ بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الشَّكُّ فِي نَجَاسَةِ الْيَدِ فَمَتَى شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا كُرِهَ لَهُ غَمْسُهَا فِي الْإِنَاءِ قَبْلَ غَسْلِهَا سَوَاءٌ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ أَوْ النَّهَارِ أَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَتِهَا مِنْ غَيْرِ نَوْمٍ وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ إِنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ كُرِهَ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ وَإِنْ قَامَ مِنْ نَوْمِ النَّهَارِ كُرِهَ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ
وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ دَاوُدُ الظَّاهِرِيُّ اِعْتِمَادًا عَلَى لَفْظِ الْمَبِيتِ فِي الْحَدِيثِ وَهَذَا مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ بِقَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْمَنُ النَّجَاسَةَ عَلَى يَدِهِ أَوْ هَذَا عام لوجود

الصفحة 91