كتاب بحوث وتحقيقات عبد العزيز الميمني (اسم الجزء: 1)
وكتب على يد الشيخ الإِمام العلّامة نجيب الدين أبي الفتح نصر الله ابن الصفّار المعروف بابن الشقيشقة شفاعة للأمير محمود الأرموي نسيب ابن المجاور إلى بهاء الدين محمد بن التبني:
أيّها السيّد الذي جعل المجـ ... ـدَ لراجيه واجبًا مفروضًا
في صديق رأى ثناني طويلًا ... ومديحي جَمّا وشكري عريضًا
وقيامي في كل واد حَوَى السا ... دات أتلو مآثرًا لك بيضا
ظنّ خيرًا وقال لي سله في أمـ ... ـري وعرِّض بحاجتي تعريضا
فعساه يَريش مني جَناحا ... غادرتْه يد الزمان مَهيضا
قلت دعني فإن جاهي مريض ... ومريض فلا يداوي مريضا
قال نجيب الدين فقبل شفاعته والتزم طاعته وجعل ميقات قضاء حوائجه ساعتَه، وقال في وصف بِرَك اللينوفر:
فكأنما البِرَك المِلاءُ يَحُفَّها ... أنواع ذاك الروض والزهر
بُسُط من الديباج بِيض فُرْوزت ... أطرافها بفراوز خُضر
وقال يومًا للشيخ نجيب الدين: ما أحسنُ ما تحفظُ في التشبيه في الغَزَل
فأنشده في صبيّ حائك:
غُزيلٌ لم تزل بالغَزْل جائلةً ... بنانُه جَوَلان الفكر في الغَزَل
جذلانَ تلعبُ بالمِحواك أنمُلُه ... على السَّدَى لَعِبَ الأيَّام بالدُوَل
ما إن يني تَعِبَ الأطراف مشتغِلا ... أفديه من تَعِب الأطراف مشتغلِ
جَذْبًا بكفّيه أوفَحْصًا بأخمصه ... تخبَّطَ الظبي في أشراك محتبِل
فقال شرف الدين أشهد بالله لقد تستحقّ هذه الأبيات أن تكتب بذوب السعادة على صفحات الزمان وتقام في الشرف على الشعر مُقامَ الإنسان من الحيوان ثم فكر ساعة وأنشد مرتجلًا:
وأهيفَ يحكي الغصنَ لِينُ قَوامِه ... وتغرَق في ماء النعيم غلائله
إذا ما بدا من شَعره في ذوائب ... رأيتَ غزالًا لم ترُعه حبائله
فلما سمعها الشيخ نجيب الدين اهتزَّ لها اهتزاز الطَّروب للأغاني وأقسم أن ليس لقائلها ثاني، وقال من حق هذه أن تكتب بماء الأحداق على صفحات القلوب
الصفحة 429
492