كتاب بحوث وتحقيقات عبد العزيز الميمني (اسم الجزء: 1)

من العلماء منهم أبو سعيد، فأقام أبو سعيد بنيسابور وأملى بها المعاني والنوادر وكان لقي أبا عمرو، ثم ذكر ياقوت أن عبد الله أقدم معه جماعةً من أدباء الأعراب منهم:
عرّام وأبو الْعَمَيثل (الشاعر الذي نشر له صاحبنا كرينكو الكتاب المأثور) وأبو العَيسجور، وأبو العَجَنَّس، وعَوْسجة، وأبو العُذافر وغيرهم؛ فتأدّب أولًا قُوّادة بأولئك الأعراب، وبهم تخرّج أبو سعيد؛ وكان وافى نيسابور مع عبد الله فصار لهم إمامًا في الأدب؛ ثم روى ياقوت أن بعض الأعراب الذين كانوا مع عبد الله اختصم في علاقة بينهم إلى صاحب الشُرطة بنيسابور، فسألهم بيّنة وشهودًا يعرفون فأعجزهم ذلك فقال أبو العيسجور:
إن يبغِ مِنّا شهودًا يشهدون لنا ... فلا شهود لنا غيرُ الأعاريب
وكيف يَبْغِي بنيسابور معرفةً ... مَن دارُه بين أرض الحَزن واللُوْب
وكان أبو سعيد يختار المؤدّبين لأولاد قُوّاد عبد الله، ويبيّن مقدار أرزاقهم، (يقول العاجز الميمني كما كان أبو العمثيل الأعرابي يفعل مع الشعراء وهو الذي قدّم أبا تمام إلى عبد الله على ما هو معروف) ويطوف عليهم ويتعهّد مَن بين أيديهم من أولئك الصِبيان اهـ ثم ذكر في ذلك حكاية.
فهذا الخبر بعد المقارنة بما في العين يشهد بأنّ الليث جمع العين بعد علم الخليل من علم هؤلاء الأعراب الذين كان عرّام في رعيلهم الأول، ومن علم أصحابهم كأبي (¬1) سعيد وغيره، ومن هذه الجهة أنكر كثير من علماء الأمصار كثيرًا مما جاء فيه ممّا لم يرووه عن شيوخهم وقد قعد بهم الكسلُ عن مشافهة عرب البوادي: وقديمًا كان في الناس الحَسَدْ.
وممّا لا أكاد أقضي منه العجب أن أحدًا من أصحاب التراجم لم يذكر عَرّامًا، ولعلّ ذلك من أجل أنّه لا مؤلّف له، وكتابنا هذا أيضًا ممّا أملاه على أبي الأشعث الكندي فنسبوه بعدُ إلى السَكونيّ، وربّما يكون عرّام أُمّيّا والله أعلم وهذا النّديم 47 يذكر جملة صالحة من الأعراب الذين أُخذت عنهم اللغة، ولكنّه ينسى صاحبنا؛
¬__________
(¬1) هذا ومعلوم أن أصل المأثور عن أبي العميثل ببايزيد منقول سنة 380 هـ ونزى فيه أقوال أبي سعيد انظر طبعته 70,52,51,48,44,38 وهذا يدل على أنهما كانا قد تخرسنا وأن العين كالمأثور من جهة وجود روايات المتخرسنة من الأعراب وتلاميذهم فيه.

الصفحة 466