كتاب السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (اسم الجزء: 1)
كل دار وإن طالت سلامتها ... يوما ستدركها النكباء والحوب «1»
ثم قال عتبة: أصبحت دار بني جحش خلاء من أهلها، فقال أبو جهل:
وما تبكي من فل ابن فل «2» ، ثم قال للعباس: هذا من عمل ابن أخيك هذا، فرّق جماعتنا، وشتت أمرنا، وقطع بيننا.
وقد عدا أبو سفيان بن حرب على دار بني جحش فتملكها، وقيل: باعها من عمرو بن علقمة العامري، فذكر ذلك عبد الله بن جحش- لما بلغه- لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال له: «ألا ترضى يا عبد الله أن يعطيك الله بها دارا في الجنة خيرا منها» ؟ قال: بلى، قال: «فذلك لك» .
فلما فتحت مكة كلّم أبو أحمد عبد بن جحش رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في دارهم، فأبطأ عليه الرسول، فقال الناس: يا أبا أحمد إنه- صلّى الله عليه وسلّم- يكره أن ترجعوا في شيء أصيب منكم في الله، فأمسك أبو أحمد عن الكلام في ذلك، وقد سجل أبو أحمد هجرة بني جحش في قصيدة له «3» .
بنو غنم بن دودان
ثم قدم المسلمون أرسالا، وكان بنو غنم بن دودان أهل إسلام قد أوعبوا إلى المدينة هجرة: رجالهم ونساؤهم، منهم- غير بني جحش ونسائهم-:
عكاشة بن محصن، وشجاع وعقبة ابنا وهب، وأربد بن حميرة «4» ، ومنقذ بن نباتة، وسعيد بن رقيش، ومحرز بن نضلة، ويزيد بن رقيش وغيرهم.
ومن نسائهم: جذامة بنت جندل، وأم قيس بنت حصن، وأم حبيب بنت ثمامة، وامنة بنت رقيش، وسخبرة بنت تميم «5» .
__________
(1) الحوب: التوجع. وهذا البيت لأبي دؤاد الإيادي في قصيدة له.
(2) هكذا في السيرة لابن إسحاق، وفل: فلان، وفي السيرة لابن هشام «من قل» بالقاف، قال ابن هشام: القل: الواحد، واستشهد ببيت لبيد بن ربيعة.
(3) سيرة ابن هشام ج 1 ص 472، 473.
(4) بضم الحاء، وفتح الميم، وتشديد الياء المكسورة، وقال ابن هشام: ويقال: ابن حميرة بإسكان الياء.
(5) السيرة ج 1 ص 470- 472؛ والبداية والنهاية ج 3 ص 170، 171.