كتاب الرصف لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفعل والوصف (اسم الجزء: 1)
31 - عن ابن شهاب قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه سمع بعض علمائهم يقول: كان أول ما أنزل الله عز وجل على نبيه - صلى الله عليه وسلم - {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فقالوا: هذا صدرها الذي أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حراء، ثم أنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله. أخرجه البيهقي (¬1).
32 - عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن، قال: {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} قلت: يقولون: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} قال أبو سلمة سألت جابرًا عن ذلك، وقلت له مثل الذي قلت، فقال لي جابر لا أحدِّثك إلا ما حدَّثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: جاورت بحراء شهرًا، فلما قضيتُ جوارى هبطتُ فنوديت، فنظرتُ عن يميني، فلم أر شيئًا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئًا، ونظرت أمامي فلم أر شيئًا، ونظرت خلفي فلم أر شيئًا، فرفعت رأسي، فرأيت شيئًا، فأتيت خديجة، فقلت: دثِّروني، وصبوا عليَّ ماءً باردًا، فنزلت {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} وذلك قبل أن تفرض الصلاة، ثم حَمِي الوحيُ وتتابعَ. أخرجه البخاري ومسلم (¬2).
وهذا يشبه أنَّ {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} أول ما نزل بعد فترة الوحي، بدليل قوله: ثم حمي الوحي وتتابع.
¬__________
= المدثر، فإنها أول ما نزل بعد فترة الوحي، وفي آخرها ذكر الجنة والنار، فلعل آخرها نزل قبل نزول بقية سورة [إقرأ]، فإن الذي نزل أولًا من [اقرأ] خمس آيات فقط.
(¬1) في "دلائل النبوة" 1/ 412.
(¬2) رواه البخاري 8/ 478 في تفسير سورة المدثر، ومسلم رقم (161) في الإِيمان: باب بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، رواه البيهقي 1/ 410 في "دلائل النبوة".