كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

فَوَقع عز الدّين على ورقته الرَّأْي الْجَمِيل أَن تمنع من الرحيل وتسوغ الْإِقَامَة فِي ظلّ دوحة وإحسان غمامه قَالَ الْمقري وَكتب إِلَى الْفَقِيه الْكَاتِب أَبُو الْحسن عَليّ الخزرجي الفاسي الشهير بالشاحي بِمَا كتبه أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن خَاتمه المري المغربي إِلَى بعض أشياخه
(أشمس الغرب حَقًا مَا سمعنَا ... بأنك قد سئمت من الْإِقَامَة)

(وَإنَّك قد عزمت على طُلُوع ... إِلَى شَرق سموت بِهِ علامه)

(لقد زلزلت منا كل قلب ... بِحَق الله لَا تقم الْقِيَامَة)
ثمَّ ورد إِلَى مصر بعد أَدَاء الْحَج فِي رَجَب سنة ثَمَان وَعشْرين وَألف وَتزَوج بهَا من السَّادة الوفائية وسكنها وَقد سُئِلَ عَن حَظه بهَا فَقَالَ قد دَخلهَا قبلنَا ابْن الْحَاجِب وَأنْشد فِيهَا قَوْله
(يَا أهل مصر وجدت أَيْدِيكُم ... فِي بذلها بالسخاء منقبضه)

(لما عدمت الْقرى بأرضكم ... أكلت كتبي كأنني أرضه)
وَأنْشد هُوَ لنَفسِهِ
(تركت رسوم عزي فِي بلادي ... وصرت بِمصْر منسي الرسوم)

(وَنَفْسِي عفتها بالذل فِيهَا ... وَقلت لَهَا عَن العلياء صومي)

(ولي عزم كَحَد السَّيْف مَاض ... وَلَكِن اللَّيَالِي من خصومي)
ثمَّ زار بَيت الْمُقَدّس فِي شهر ربيع الأول سنة تسع وَعشْرين وَألف وَرجع إِلَى الْقَاهِرَة وَكرر مِنْهَا الذّهاب إِلَى مَكَّة فَدَخلَهَا بتاريخ سنة سبع وَثَلَاثِينَ خمس مَرَّات وأملى بهَا دروساً عديدة ووفد على طيبَة سبع مَرَّات وأملى الحَدِيث النَّبَوِيّ بمرأى مِنْهُ
ومسمع ثمَّ رَجَعَ إِلَى مصر فِي صفر سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَدخل الْقُدس فِي رَجَب من تِلْكَ السّنة وَأقَام خَمْسَة وَعشْرين يَوْمًا ثمَّ ورد مِنْهَا إِلَى دمشق فَدَخلَهَا فِي أَوَائِل شعْبَان وأنزلته المغاربة فِي مَكَان لَا يَلِيق بِهِ فَأرْسل إِلَيْهِ أَحْمد بن شاهين مِفْتَاح مدرسة الجقمقية وَكتب مَعَ الْمِفْتَاح هَذِه الأبيات
(كنف الْمقري شَيْخي مقرى ... وَإِلَيْهِ من الزَّمَان مفري)

(كنف المعترى مثل صَدره فِي اتسعا ... وعلوم كالبحر فِي ضمن بَحر)

(أَي بدر قد اطلع الدَّهْر مِنْهُ ... مَلأ الشرق نوره أَي بدر)

(أَحْمد سَيِّدي وشيخي وذخري ... وَسمي ذَاك أشرف فخري)

الصفحة 304