كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

وَمن شعر الْمقري قَوْله مضمنا مَعَ الِاكْتِفَاء والتورية
(لم أنس يَوْمًا للنواعير بِهِ ... فِي نهر فاس شجن هاج الجوى)

(فَقلت إِذْ ذَكرنِي معاهدا ... لله مَا قد هجب يَا يَوْم النَّوَى)
والمصراع الثَّانِي ضمنه من مَقْصُورَة حَازِم وَبعده
(على فؤاد من بتاريخ الجوى ... )
وَرَأَيْت فِي بعض المجاميع نقلا عَن خطّ الْمقري قَالَ أَنْشدني صاحبنا الْعَلامَة البليغ النَّاظِم الناثر القَاضِي مُحَمَّد المنوفي لبَعض من قَصده الدَّهْر بسهامه وَلم يجد صبرا لإشكال صبره وانبهامه قَوْله
(وأخفيت صبري سَاعَة بعد سَاعَة ... وَلَكِن عَيْني فِي الْأَحَايِين تَدْمَع)
فَقلت مضمنا وَفِيه لُزُوم مَا لَا يلْزم
(وقائلة مَالِي رَأَيْتُك ذَا شجى ... وَلم يَك قدما فِيك للشجو مطمع)

(فَقلت أصابتني من الدَّهْر عينه ... وخالفت ذَا نصح لَهُ كنت أسمع)

(فَقَالَت تصبروا كتم الْأَمر تسترح ... وَلَا تسأمن فالخير فِي ذَاك أجمع)

(فَقلت لَهَا أرشدت من لَيْسَ جَاهِلا ... وأنشدتها والحي للسير أزمعوا)

(وأخفيت صبري سَاعَة بعد سَاعَة ... وَلَكِن عَيْني فِي الْأَحَايِين تَدْمَع)
قَالَ وَكَانَ شيخ مَشَايِخنَا القَاضِي الْأَجَل سَيِّدي عبد الْوَاحِد بن أَحْمد الونشريسي التلمساني الأَصْل قَاضِي قُضَاة فاس المحروسة نظم بَيْتا ورمز فِيهِ للمواضع الَّتِي لَا يُصَلِّي فِيهَا على النَّبِي
فَقَالَ
(على عَاتِقي حملت ذَنْب جوارح ... تعبت بهَا وَالله للذنب غَافِر)
وَهَذَا بَيَان مَا رمز على التَّرْتِيب عطاس عبره حمام ذبح جماع تعجب بيع فَقلت إِن قَوْله وَالله للذنب غَافِر لَا مَحل لَهُ فِي الرَّمْز مَعَ أَنه بقيت أَشْيَاء أخر لَو جعلت مَكَان هَذَا الْكَلَام لَكَانَ أحسن وَأَيْضًا فَإِن بَيته لَيْسَ فِيهِ مَا يفهم مِنْهُ مُرَاده فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك وطأت لَهُ بِبَيْت صرحت فِيهِ بالمراد وأبدلت قَوْله وَالله للذنب غَافِر بالرمز لما أغفله قلت وَالْفضل بالتقدم لَهُ
(ينزه ذكر الْمُصْطَفى فِي مَوَاضِع ... لَهَا رمز أَلْفَاظ تبدي شمولها)

(على عَاتِقي حملت ذَنْب جوارح ... تعبت بهَا قد أثقلتني حمولها)
رمزت للقذر وَالْأكل وحاجة الْإِنْسَان لما يُقَال أَن الْحَاجة تدخل فِي قَوْله حملت لأَنا نقُول أَنه كرر فِي قَوْله على عَاتِقي وَذَلِكَ يدل على أَنه لَا يَكْتَفِي بِاللَّفْظِ الْوَاحِد

الصفحة 308