كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
ثمَّ ظهر لي بعد مَا تقدم أَن قولي ينزه إِلَى آخِره لَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيح بِعَدَمِ الصَّلَاة عَلَيْهِ
فَقلت بدله
(صَلَاة على الْمُخْتَار ردع فِي مَوَاضِع ... لَهَا رمز أَلْفَاظ تبدي شمولها)
(عَلَيْك بإكثار الصَّلَاة على الَّذِي ... رسَالَته لِلْخلقِ باد شمولها)
(ودعها بِعشر قلت فِي رمز عدهَا ... كلَاما عيوني زَاد مِنْهُ همولها)
(على عَاتِقي حملت ذَنْب جوارح ... تعبت بهَا قد أثقلتني حمولها)
وَمن املائه لبَعض فضلاء دمشق أَنه قَالَ حكى أَن أفلاطون كتب إِلَى بقراط قبل أَن يتَعَلَّم مِنْهُ إِنِّي أَسأَلك عَن ثَلَاثَة أَشْيَاء أَن أجبْت عَنْهَا تلمذت لَك فَكتب إِلَيْهِ بقراط سل وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فَكتب إِلَيْهِ أَخْبرنِي من أَحَق النَّاس بِالرَّحْمَةِ وَمَتى يضيع أَمر النَّاس وَمَا تتلقى بِهِ النِّعْمَة من الله فَكتب إِلَيْهِ بقراط أما أَحَق النَّاس بِالرَّحْمَةِ فَثَلَاثَة البريكون فِي سُلْطَان فَاجر فَهُوَ الدَّهْر حَزِين لما يرى وَيسمع والعاقل فِي تَدْبِير الْجَاهِل فَهُوَ الدَّهْر مُتْعب مغموم والكريم يحْتَاج إِلَى اللَّئِيم فَهُوَ الدَّهْر خاضع دَلِيل وَأما تَضْييع أُمُور النَّاس فَإِذا كَانَ الرَّأْي عِنْد من لَا يقبل مِنْهُ وَالسِّلَاح عِنْد من لَا يَسْتَعْمِلهُ وَالْمَال عِنْد من لَا يُنْفِقهُ وَأما مَا بِهِ تتلقى النِّعْمَة من الله فبكثرة الشُّكْر وَلُزُوم طَاعَته وَاجْتنَاب مَعْصِيَته فَأقبل إِلَيْهِ أفلاطون وَصَارَ تلميذا لَهُ إِلَى أَن مَاتَ قَالَ الْمقري وَقد نظمت هَذَا السُّؤَال وَالْجَوَاب فِي قولي
(أرسل أفلاطون وَهُوَ الَّذِي ... قد مَا سما فِي النَّاس بالحكمة)
(لشيخه بقراط من قبل أَن ... بِكَوْن مِمَّن قد حوى علمه)
(أَن أَنْت حققت جوابي على ... ثَلَاثَة محضتك الْخدمَة)
(وَكنت تلميذا مقرابما ... تسديه من علم وَمن حرمه)
(فَقَالَ بَينهَا فَقَالَ اكشفن ... عَمَّن أَحَق النَّاس بِالرَّحْمَةِ)
(وَعَن أُمُور النَّاس أوضح مَتى ... تضيع واستقبالنا النِّعْمَة)
(من رَبنَا سُبْحَانَهُ مَا الَّذِي ... بِهِ تلقى فاشرح الْقِسْمَة)
(فَقَالَ بقراط أَحَق الورى ... برحمة يَا موفي الذِّمَّة)
(ذُو الْعقل فِي تَدْبِير ذِي الْجَهْل لَا ... يبرح طول الدَّهْر فِي غمه)
(والبران أضحى بسُلْطَان من ... فجوره عَم الورى نقمه)
(بحزنه مَا يسمع أَو مَا يرى ... مِنْهُ لِأَن الظُّلم ذُو ظلمَة)
الصفحة 309