كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

أكتب عَلَيْهَا على مُقْتَضى ظَاهر اللَّفْظ فَإِنَّهَا أرْسلت إِلَيْنَا من الصَّعِيد بالخصوص وَمِنْهَا رِسَالَة تتَعَلَّق بالخضر عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَنه نَبِي أَو ولي وَفِي نسبه وَغير ذَلِك مَعَ عدم الْوُقُوف على رِسَالَة الْجلَال السُّيُوطِيّ وَغَيره فِيهِ وَمِنْهَا رِسَالَة فِي مبَاحث مُتَفَرِّقَة قلت وَرَأَيْت فِي بعض التَّعَالِيق أَنه رَحل إِلَى الرّوم فتحول حنفيا بِأَمْر مولى من موَالِي الرّوم وحظى ثمَّة حظوة لم يحظها أحد فِي عصره من الْعَرَب وَالروم وَأعْطى الْمدَارِس الْعلية بِمصْر والوظائف والمعاليم ثمَّ عَاد إِلَى مصر من طَرِيق الْبَحْر إِلَى أَن وصل إِلَى ثغر الْإسْكَنْدَريَّة فانكسر الْمركب وضاعت جَمِيع أَسبَابه وَكتبه إِلَّا كتابا وَاحِدًا كَانَ بِيَدِهِ فَخرج بِهِ من الْمركب ثمَّ سرق مِنْهُ وَبَقِي صفر الْيَدَيْنِ ثمَّ أرسل إِلَى مفتي الرّوم وعرفه بِجَمِيعِ مَا حصل لَهُ فَعوضهُ عَن بعض ذَلِك وجدد لَهُ مراسيم بمدارسه ووظائفه وَاسْتمرّ بِمصْر وَعرض لَهُ فِي آخر عمره ثقل فِي سَمعه حَتَّى توفّي بِهِ وَقد انْتفع بِهِ أجلاء الْعلمَاء وَمِمَّنْ لَازمه سِنِين عديدة الْعَلَاء الشبراملسي وَكَانَ لَا يفتر عَن ذكره وَحكى عَنهُ أَنه قَالَ مَاتَ الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول بعده وَرَأَيْت بِخَط بعض الأخوان أَن لَهُ تآليف زَائِدَة على مَا ذكر مِنْهَا كتاب ابتهاج الصُّدُور فِي بَيَان كَيْفيَّة الْإِضَافَة والتثنية وَالْجمع للمنقوص والممدود والمقصور وَكتاب إرشاد الطلاب إِلَى لفظ بَاب الْإِعْرَاب قلت وَهَذَا شرح الشعرانية فِي علم الْعَرَبيَّة وَله حَاشِيَة على شرح الاستعارات للْمولى عِصَام وحاشية على شرح أيسا غوجي للْقَاضِي زَكَرِيَّاء وَله حواش نفيسة على طرر كتبه جرد مِنْهَا فِي حَال حَيَاته وَبعد مماته مِنْهَا مَا كتبه على شرح عقائد النَّسَفِيّ للتفتازاني وَمَا كتبه على شرح جمع الْجَوَامِع للمحلي وَمَا كتبه على شرح الأزهرية للشَّيْخ خَالِد وَغير ذَلِك من الرسائل المقبولة وَكَانَ الشبراملسي يَقُول من رأى دروس الغنيمي وَتَقْرِيره ودقة نظره لَا يجوز نِسْبَة هَذِه التآليف الَّتِي ألفها إِلَيْهِ لِأَن مقَامه أجل مِنْهَا مَعَ أَنَّهَا فِي غَايَة الدقة وَحسن الصِّنَاعَة وَمِمَّا ظَفرت بِهِ من تحريراته مَا كتبه على عبارَة القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ عِنْد قَوْله تَعَالَى {إِلَّا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصبرِ} حَيْثُ قَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَهَذَا من عطف الْخَاص على الْعَام للْمُبَالَغَة إِلَّا أَن يحض الْعَمَل بِمَا يكون مَقْصُورا على كَمَاله انْتهى قَالَ الغنيمي الضَّمِير فِي كَمَاله يرجع إِلَى الْإِنْسَان وَهُوَ الظَّاهِر الْمُتَبَادر إِلَّا أَن يحض الْعَمَل الْمَفْهُوم من قَوْله {وَعمِلُوا الصَّالِحَات} بِعَمَل يكون ذَلِك الْعَمَل مَقْصُورا على كَمَال الْإِنْسَان نَفسه لَا يتجاوزه إِلَى غَيره وَحِينَئِذٍ لَا يكون

الصفحة 314