كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
بِاللَّه تَعَالَى أَحْمد عَلان وَشَيخ الاسلام السَّيِّد عمر بن عبد الرَّحِيم الْبَصْرِيّ ولازمه مُلَازمَة تَامَّة حَتَّى تخرج بِهِ وَكَانَ يُحِبهُ ويثني عَلَيْهِ وزوجه بنته وَمِمَّنْ أَخذ عَنهُ الشَّيْخ عبد الْعَزِيز الزمزمي وَالشَّيْخ أَحْمد الْخَطِيب وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْبري الْمَالِكِي الْمدنِي وَالشَّيْخ عبد الْملك العصامي وَالشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الخياري وَغَيرهم من أهل الْحَرَمَيْنِ وَلبس الْخِرْقَة من جمع كثير وأذنوا لَهُ بالالباس وأجازوه بالافتاء والتدريس فَجَلَسَ للاقراء بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَكَانَ لَهُ اعتناء بِكِتَاب احياء عُلُوم الدّين فَأَقْرَأهُ فِي الْمَسْجِد الْحَرَام سِتّ مَرَّات وقرأه على وَالِده أَربع مَرَّات على شَيْخه عبد الله بن شيخ العيدروس أَربع مَرَّات وَرُبمَا قَرَأَ فِي التَّفْسِير وحضره جم وافر وَكَانَ طلق اللِّسَان متدرعاً جِلْبَاب الطَّاعَة عَاملا بِعِلْمِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ وفهمه مواظباً على السّنَن النَّبَوِيَّة كثير التِّلَاوَة لِلْقُرْآنِ ملازماً للذّكر مَعَ غَايَة من الزّهْد والقناعة وَكَانَ شَدِيد الانكار يثب على الْمُنكر كَأَنَّهُ صَاحب ثأر لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَلَا تَأْخُذهُ رأفة فِي دين الله وَإِذا حضر مَجْلِسا احتاط الْحَاضِرُونَ فِي ستر الْمُنْكَرَات والمتهجنات وَحكي أَنه دخل على بعض أَرْبَاب الدولة وَعِنْده من يضْرب بالآلة فأسكت المسمعين وَوعظ الْحَاضِرين وَأمرهمْ بِالتَّوْبَةِ وَكَانَ لطيف المعاشرة حسن المذاكرة لَهُ كرامات كَثِيرَة مِنْهَا أَنه دَعَا لجَماعَة من أَصْحَابه بمطالب دينية ودنيوية فنالوها ببركة دُعَائِهِ وَمِنْهَا أَن بعض أَصْحَابه اعتراه وسواس شديدحتى اتّفق لَهُ أَنه كَانَ فِي الطّواف فتخيل لَهُ أَنه خرج مِنْهُ بَوْل فأسرع بِالْخرُوجِ من الْمَسْجِد خشيَة تلويثه ثمَّ نظر إِلَى ثَوْبه فَلم يجد بللاً وَشك فِي وضوئِهِ وطهارة ثَوْبه وتعب تعباً شَدِيدا فَمر بِهِ صَاحب التَّرْجَمَة وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالة فتلعق بِهِ وألزمه بِالدُّعَاءِ لَهُ فِي رفع تِلْكَ الوسوسة فَدَعَا لَهُ فأذهبها الله عَنهُ من حِينَئِذٍ وَكَانَ يحب الْفُقَرَاء والضعفاء ويكرمهم وَتخرج بِهِ جمَاعَة فِي عدَّة عُلُوم لَا سِيمَا التصوف وألبس الْخِرْقَة لجَماعَة وَلم يزل على حَالَته إِلَى أَن مَاتَ وَكَانَت وَفَاته فِي سنة خمس وَأَرْبَعين وَألف وَدفن بالمعلاة عِنْد قُبُور السَّادة الْأَشْرَاف بني علوي وقبره مَعْرُوف يزار رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ أَحْمد بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالزريابي الدِّمَشْقِي الْمَالِكِي قَاضِي الْمَالِكِيَّة وفقيههم بِدِمَشْق كَانَ من الْفُضَلَاء الْمَشْهُورين والنبلاء المعروفين نَشأ بِدِمَشْق وَقَرَأَ على الْعَلامَة عمر بن مُحَمَّد الفاري وَالشَّيْخ تَاج الدّين المقرءوني ثمَّ رَحل إِلَى الْقَاهِرَة وتفقه على الْبُرْهَان اللَّقَّانِيّ وَأخذ عَنهُ بَقِيَّة الْعُلُوم وَأخذ من غَيره وَمكث ثَمَان
الصفحة 316