كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
رَأَيْت خَبره معصلا فِي بعض مَا كتبه إِلَى السَّيِّد عبد الله الْحِجَازِي رَحمَه الله تَعَالَى من تراجم الحلبيين قَالَ ولد بحلب وَبهَا نَشأ وَأخذ عَن الْعَلامَة عمر العرضي وَغَيره وتأدب بإبراهيم بن المنلا وبرع ورحل إِلَى قسطنطينية وَولي الْقَضَاء بُرْهَة ثمَّ تقاعد عَن رُتْبَة الْقُدس وَولي نِيَابَة الْقَضَاء بحلب وَكَانَ لَهُ إحاطة تَامَّة بأنواع الْفُنُون وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة من مشاهير فضلاء حلب وَبِه انتفعوا وَألف حَاشِيَة على الْفُنُون وَقَرَأَ عَلَيْهِ جمَاعَة من مشاهير فضلاء حلب وَبِه انتفعوا وَألف حَاشِيَة على الدُّرَر وَالْغرر فِي الْفِقْه وأجاد فِيهَا جدا واطلعت أناله على تحريرات كَثِيرَة تدل على دقة نظره وغزارة فَضله أما شعره ونثره فاليهما النِّهَايَة فِي الْحسن فَمن شعره قَوْله من قصيدة
(سقى الله عَيْشًا مر فِي زمن الصِّبَا ... وحياه عني بالعبير نسيم)
(ودهراً بقسطينية قد قطعته ... إِذا السعد عبد لي بهَا وخديم)
(بِلَاد هِيَ الدُّنْيَا إِذا مَا قطنتها ... فَوجه الْأَمَانِي مُسْفِر ووشيم)
(وَمَا هِيَ الا جنَّة الْخلد بهجة ... وَمَا غَيرهَا إِلَّا لظى وجحيم)
(فكم فِي مغانيها قضيت لبانة ... وزالت عَن الْقلب الكليم هموم)
(وَقرب أبي أَيُّوب كم رَوْضَة إِذا ... حللت بهَا يَوْمًا فلست تريم)
(تَقول إِذا شاهدت عالي قُصُورهَا ... أهذي جنان زخرفت ونعيم)
(جرى مَاؤُهَا كالسلسبيل فمثلها ... إِذا مَا تذكرت الْبِقَاع عديم)
(كستها الغوادي حلَّة سندسية ... وَأهْدى شذاها للنفوس شميم)
(وبالسفح سفح الطوبخانة أَربع ... لَهَا النسْر فِي جو السَّمَاء نديم)
(تلوح بهَا الغيد الصَّباح كَأَنَّمَا ... علوا وإشراقا تلوح نُجُوم)
(يقابلها ذَاك الخليج بصفحة ... كَأَن لَهَا متن السَّمَاء خديم)
(ترى السفن فِيهَا جاريات كَأَنَّهَا ... جِيَاد فَمِنْهَا سَابق ولطيم)
(وَعند الحصارين المنيعين جيرة ... حَدِيث علاهم فِي الْأَنَام قديم)
(عجبت لأيامي بهم كَيفَ لم تدم ... وَهل دَامَ شَيْء غَيرهَا فتدوم)
وَكتب لبَعض الكبراء مَعَ قطاع من الصيني أهداها لَهُ قَوْله
(إِن قصر الدَّاعِي وَأهْدى بِلَا ... روية محتقرا نزرا)
(من عمل الصين قطاعا أَتَت ... لَا تسْتَحقّ الْوَصْف والذكرا)
(فاعذر فقد أهْدى إِلَيْك الثنا ... عقد انظيما يخجل الْبَدْر)
الصفحة 318