كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
الْجِيَاد وتضلع من فنون الْعُلُوم واطلع على خفايا الْمَنْطُوق وَالْمَفْهُوم ولد بِمَكَّة وَنَشَأ بهَا وترعرع ورحل إِلَى الْهِنْد فِي عنفوان عمره وَابْتِدَاء حَاله وَأمره فقطن بهَا خَمْسَة وَعشْرين سنة وَعَاد إِلَى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى فَأنْكر تقلب أمورها فانتقل مِنْهَا إِلَى فَارس فطنب بهَا خيامه وَلم يتم لَهُ فِيهَا مرامه فَرجع إِلَى الْهِنْد وَلم يزل حَتَّى دَعَاهُ أَجله فلبى وَقضى من الْحَيَاة نحبا وَمن رَقِيق شعره قَوْله
(مَا شمت برقا سرى فِي جنح معتكر ... إِلَّا تذكرت برق المبسم الْعطر)
(وَلَا صبوت إِلَى خل أسامره ... إِلَّا بَكَيْت زمَان اللَّهْو والسمر)
(شلت يَد للنوى مَا كَانَ ضائرها ... لَو غادرتنا تقضي الْعَيْش بالوطر)
(فِي خلسة من ليَالِي الْوَصْل مسرعة ... كَأَنَّمَا هِيَ بَين الوهن وَالسحر)
(لَا نرقب النَّجْم من فقد النديم وَلَا ... نستعجل الخطو من خوف وَلَا حذر)
(وأهيف الْقُدس ساقينا براحته ... كَأَنَّهُ صنم فِي هيكل الْبشر)
(منعمين وَشَمل الْأنس مُنْتَظم ... يَرْبُو على نظم عقد فاخر الدُّرَر)
(فَمَا انتهينا لأمر قد ألم بِنَا ... إِلَّا وَبدل ذَاك الصفو بالكدر)
(لَا دردر زمَان رَاح مختلسا ... من بَيْننَا قمر أناهيك من قمر)
(غزال أنس تحلى فِي حلى بشر ... وَبدر حسن تجلى فِي دجى شعر)
(وغصن بَان تثنى فِي نقا كفل ... لَا غُصْن بَان تثنى فِي نقا مدر)
(كَأَن ليلِي نَهَار بعد فرقته ... مِمَّا أقاسي بِهِ من شدَّة السهر)
(يَا لَيْت شعري هَل حَالَتْ محاسنه ... وَهل تغير مَا باللحظ من حور)
(فَإِن تكن فِي جنان الْخلد مبتهجا ... فاذكر معنى الْأَمَانِي ضائع النّظر)
(وَإِن تأنست بالحور الحسان فَلَا ... تنس اللَّيَالِي الَّتِي سرت مَعَ الْقصر)
وَقَوله
(كَيفَ أسلو من مهجتي فِي يَدَيْهِ ... وفؤادي وَإِن رحلت لَدَيْهِ)
(إِن طلبت الشِّفَاء من شَفَتَيْه ... جاد لي بالسقام من جفنيه)
(إِن حلف السهاد عين رَأَتْهُ ... وجنت ورد جنتي خديه)
(كلما رمت سلوة قَالَ قلبِي ... لَا تلمني فِي ذَا العكوف عَلَيْهِ)
(لست وحدي متيما فِي هَوَاهُ ... كل أهل الغرام تصبو إِلَيْهِ)
وَله مقاطيع سَمَّاهَا لآلىء الْجَوْهَرِي مِنْهَا قَوْله
(كَيفَ يَرْجُو الْعرْفَان بِاللَّه من قد ... قيدته الذُّنُوب طول حَيَاته)
الصفحة 328