كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
أصخاب الْفضل فَلَا يدانيه مُتَقَدم وَلَا معاصر لَو أمدني ابْن العميد واضرابه والصاحب ابْن عباد وَأَصْحَابه مَا اسْتَطَعْت تقريظ أبياتك الأبيات إِلَّا مِنْك الممتنعات إِلَّا عَنْك فَأَنت فريد دهرك وَلَا أَقُول فِي هَذَا الْفَنّ ووحيد عصرك وَلَيْسَ ذَلِك عَن ظن وَقد دعتني دَاعِيَة الْأَدَب إِلَى أَن أَقُول أَن الْعود يفوق آلَات الطَّرب فمدحته كَمَا مدحته ووصفته كَمَا وَصفته وَقلت
(فاق كل الْآلَات فِي اللّحن عود ... حِين تعلو أصواتها وترن)
(فَكَانَ الْحمام ودهراً طَويلا ... عَلمته ألحانها وَهُوَ غُصْن)
هَذَا من قَول أبي الْفضل أَحْمد بن يُوسُف الطَّيِّبِيّ رَحمَه الله تَعَالَى
(من أَيْن للعود هَذَا الصَّوْت تَأْخُذهُ ... أَطْرَافه بأطاريف الأناشيد)
(أَظن حِين نشا فِي الدح علمه ... سجع الحمائم تَرْجِيع الأغاريد)
وَمثله قَول معاصره الصفي الحلى
(وعود بِهِ عَاد السرُور لِأَنَّهُ ... حوى اللَّهْو قدما وَهُوَ رَيَّان ناعم)
(يغرب فِي تغريده فَكَأَنَّمَا ... يُعِيد لنا مَا لقنته الحمائم)
ولبعضهم فِيهِ
(وعود لَهُ نَوْعَانِ من لَذَّة المنى ... فبورك جَان يجتنيه وغارس)
(تغنت عَلَيْهِ وَهُوَ رطب حمامة ... وغنت عَلَيْهِ قينة وَهُوَ يَابِس)
وَمن لآلئه الْمَذْكُورَة قَوْله
(لَا تجهلن قدرا لنَفسك إِنَّهَا ... علوِيَّة ترقى لما هُوَ شبهها)
(وَالنَّفس كالمرآة يصقلها الْغِنَا ... قسراً وَيظْلم بِالْمَعَاصِي وَجههَا)
وَقَوله
(فِي الْمَنْع والاعطاء كن رَاضِيا ... واستقبل الْكل بِوَجْه الرِّضَا)
(فالخير للعارف فِيمَا جرى ... وَرب منع كَانَ عين العطا)
وَقَوله
(إِذا الْتبس الْأَمْرَانِ فالخير فِي الَّذِي ... ترَاهُ إِذا كلفته النَّفس يثقل)
(فجانب هَواهَا واطرح مَا تريده ... من اللَّهْو وَاللَّذَّات إِن كنت تعقل)
وَهَذَا من قَول الْأَحْنَف بن قيس كفى بِالرجلِ رَأيا إِذا اجْتمع عَلَيْهِ أَمْرَانِ فَلم يدر أَيهمَا الصَّوَاب أَن ينظر أعجبهما إِلَيْهِ وأغلبهما عَلَيْهِ فليحذره وَقَرِيب مِنْهُ قَول أبي الْفَتْح البستي
(وَإِن هَمَمْت بِأَمْر ... وَلم تطق تَخْرِيجه)
الصفحة 330