كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
المصنفين سَار ذكره سير الْمثل وطلعت أخباره وطلوع الشهب فِي الْفلك وكل من رَأَيْنَاهُ أَو سمعنَا بِهِ مِمَّن أدْرك وقته معترفون لَهُ بالتفرد فِي التَّقْرِير والتحرير وَحسن الْإِنْشَاء وَلَيْسَ فيهم من يلْحق شأوه وَلَا يَدعِي ذَلِك مَعَ أَن فِي الْخلق من يدعى مَا لَيْسَ فِيهِ وتآليفه كَثِيرَة ممتعة مَقْبُولَة وانتشرت فِي الْبِلَاد وزرق فِيهَا سَعَادَة عَظِيمَة فَإِن النَّاس اشتغلوا بهَا وأشعاره ومنشآته مسلمة لَا مجَال للخدش فِيهَا وَالْحَاصِل أَنه فاق كل من تقدمه فِي كل فَضِيلَة وأتعب من يَجِيء بعده مَعَ مَا خوله الله تَعَالَى من السعَة وَكَثْرَة الْكتب ولطف الطَّبْع والنكتة والنادرة وَقد ترْجم نَفسه فِي آخر ريحانته من حِين مبدئه فَقَالَ قد كنت فِي سنّ التَّمْيِيز فِي مغرز طيب النَّبَات عَزِيز فِي حجر وَالِدي ممتعا فَلَمَّا درجت من عشى قَرَأت على خَالِي سِيبَوَيْهٍ زَمَانه يَعْنِي أَبَا بكر الشنواني عُلُوم الْعَرَبيَّة ثمَّ ترقيت فَقَرَأت الْمعَانِي والمنطق وَبَقِيَّة الْعُلُوم الاثْنَي عشر وتظرت كتب المذهبين مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ مؤسسا على الْأَصْلَيْنِ من مَشَايِخ الْعَصْر وَمن أجل من أخذت عَنهُ شيخ الْإِسْلَام مُحَمَّد الرَّمْلِيّ حضرت دروسه الفرعية وقرأت عَلَيْهِ شَيْئا من صَحِيح مُسلم وأجازني بذلك وبجميع مؤلفاته ومروياته بروايته عَن القَاضِي زَكَرِيَّاء عَن وَالِده مِنْهُم شَافِعِيّ زَمَانه الشَّيْخ نور الدّين على الزيَادي حضرت دروسه زَمنا طَويلا وَمِنْهُم الْعَلامَة الفهامة خَاتِمَة الْحفاظ والمحدثين إِبْرَاهِيم العلقمي قَرَأت عَلَيْهِ الشِّفَاء بِتَمَامِهِ وأجازني بِهِ وَبِغَيْرِهِ وشملني نظره وبركة دُعَائِهِ لي وَمِنْهُم الْعَلامَة فِي سَائِر الْفُنُون عَليّ بن غَانِم الْمَقْدِسِي الْحَنَفِيّ حضرت دروسه وقرأت عَلَيْهِ الحَدِيث وَكتب لي إجَازَة بِخَطِّهِ وَمِمَّنْ أخذت عَنهُ الْأَدَب وَالشعر شَيخنَا أَحْمد العلقمي وَمُحَمّد الصَّالِحِي الشَّامي وَمِمَّنْ أخذت عَنهُ الطِّبّ الشَّيْخ دَاوُد الْبَصِير ثمَّ ارتحلت مَعَ وَالِدي للحرمين الشريفين وقرأت ثمَّة على الشَّيْخ عَليّ بن جَار الله العصام وَغَيره ثمَّ ارتحلت مَعَ وَالِدي للحرمين الشريفين وقرأت ثمَّة على الشَّيْخ عَليّ بن جَار الله العصام وَغَيره ثمَّ ارتحلت إِلَى قسطنطينية فتشرفت بِمن فِيهَا من الْفُضَلَاء والمصنفين واستفدت مِنْهُم وتخرجت عَلَيْهِم وَهِي إِذْ ذَاك مشحونة بالفضلاء الأذكياء كَابْن عبد الْغَنِيّ ومصطفى بن عزمي والحبر دَاوُد وَهُوَ مِمَّن أخذت عَنهُ الرياضيات وقرأت عَلَيْهِ اقليدس وَغَيره وأجلهم إِذْ ذَاك أستاذي سعد الْملَّة وَالدّين ابْن حسن أَخذ عَن خَاتِمَة الْمُفَسّرين أبي السُّعُود الْعِمَادِيّ عَن مؤيد زَاده عَن الْجلَال الدواني وَلما توفّي أستاذي قَامَ مقَامه صنع الله ثمَّ ولداه ثمَّ انقرضوا فِي مُدَّة يسيرَة ثمَّ لما عدت إِلَيْهَا ثَانِيًا بَعْدَمَا توليت قَضَاء الْعَسْكَر بِمصْر رَأَيْت تفاقم الْأَمر فَذكرت ذَلِك للوزير فَكَانَ
الصفحة 332