كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

ذَلِك سَبَب لعزلي وأمري بِالْخرُوجِ من تِلْكَ الْمَدِينَة وَقد من الله تَعَالَى عَليّ بالسلامة ثمَّ ذكر أَن من تآليفه حَوَاشِي تَفْسِير القَاضِي وَهِي الَّتِي سَمَّاهَا عناية القَاضِي وَشرح الشِّفَاء وَشرح درة الغواص والريحانة والرسائل الْأَرْبَعين حَاشِيَة شرح الْفَرَائِض وَكتاب السوانح والرحلة وحواشي الرضى قلت وَله كتاب شِفَاء الغليل فِيمَا فِي كَلَام الْعَرَب من الدخيل والنادر الحوشي الْقَلِيل وَكتاب ديوَان الْأَدَب فِي ذكر شعراء الْعَرَب ذكر فِيهِ مشاهير الشُّعَرَاء من الْعَرَب العرباء والمولدين وَله كتاب طراز الْمجَالِس وَهُوَ مَجْمُوع حسن الْوَضع جم الْفَائِدَة رُتْبَة على خمسين مَجْلِسا ذكر فِيهِ مبَاحث تفسيرية ونحوية وأصولية وَغَيرهَا وَذكر فِي آخِره لما قَرَأت مَا قَالَه عُلَمَاء الحَدِيث فِي الخصائص النَّبَوِيَّة أَنه لم تلج النَّار جوفا فِيهِ قَطْرَة من فضلاته
قَالَ بعض من كَانَ عندنَا حَاضر إِذا كَانَ هَكَذَا فَكيف تعذب أَرْحَام حَملته فَأَعْجَبَنِي كَلَامه ونظمته فِي قولي
(لوالدي طه مقَام علا ... فِي جنَّة الْخلد وَدَار الثَّوَاب)

(فقطرة من فضلات لَهُ ... فِي الْجوف تنجي من أَلِيم الْعقَاب)

(فَكيف أَرْحَام لَهُ قد غَدَتْ ... حاملة تصلى بِنَار الْعَذَاب)
ثمَّ ختم الْكتاب بقوله
(أسْتَغْفر الله مَالِي بالورى شغل ... وَلَا سرُور وَلَا آسى لمفقود)

(عَمَّا سوى سَيِّدي ذِي الطول قد قطعت ... مطالبي كلهَا مذ تمّ توحيدي)
وَله رسائل كَثِيرَة ومكاتبات وافرة لم يجمعها ومقامات ذكر بَعْضهَا فِي ريحانته وَكَانَ لما وصل إِلَى الرّوم فِي رحلته الأولى ولي الْقَضَاء بِبِلَاد روم ايلي حَتَّى وصل إِلَى أَعلَى مناصبها كأسكوب وَغَيرهَا ثمَّ فِي زمن السُّلْطَان مُرَاد توصل حَتَّى اشْتهر بِالْفَضْلِ الباهر فولاه السُّلْطَان قَضَاء سلانيك فَحصل بهَا مَالا كثيرا ثمَّ أعْطى بعْدهَا قَضَاء مصر وَبَعْدَمَا عزل عَنْهَا رَجَعَ إِلَى الرّوم فَمر على دمشق وَأقَام بهَا أَيَّامًا ومدحه فضلاؤها بالقصائد واعتنى بِهِ أَهلهَا وعلماؤها فأكرمو نزله وَوَقع لَهُ لطائف من ذَلِك أَنه دَعَاهُ الْعِمَادِيّ الْمُفْتِي إِلَى قصرهم بالصالحية فَمر الشهَاب وصحبته الْعِمَادِيّ وَابْن شاهين على الجسر الْأَبْيَض فَنظر إِلَى غُلَام وَاقِف هُنَاكَ نظرة ميل ووقف يتأمله فانتقد الْعِمَادِيّ وَابْن شاهين عَلَيْهِ ذَلِك فَأَنْشد بديهة قَوْله
(قيل لَا تنظرن لوجه مليح ... إِن هَذَا مبدد الْحَسَنَات)

الصفحة 333