كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

(فقر لم يزل فَقِيرا إِلَيْهَا ... كل مبدي فصاحة وَبَيَان)
وَقد حصلت على ضالتي المنشودة من لقيَاهُ وظفرت بالكنز الَّذِي كنت أتوقعه وأترجاه وشاهدت ثمار الْمجد والسودد تنثر من شمائله وَرَأَيْت فَضَائِل الدَّهْر عيالا على فضائله وَمن فَوَائده المعحبة الَّتِي لَا يَنْقَضِي التحسين لَهَا مَا نَقله فِي شرح الشفا عِنْد قَوْله وَمن دَلَائِل نبوته
أَن الذُّبَاب كَانَ لَا يَقع على مَا طهر من جسده وَلَا يَقع على ثِيَابه مَا نَصه وَهَذَا مِمَّا قَالَه ابْن سبع أَيْضا إِلَّا أَنهم قَالُوا لَا يعلم من روى هَذَا والذباب وَاحِدَة ذُبَابَة قيل أَنه سمي بِهِ لِأَنَّهُ كلما ذب آب أَي كلما طرد رَجَعَ وَهَذَا مِمَّا أكْرمه الله بِهِ لِأَنَّهُ طهره من جَمِيع الأقذار وَهُوَ من استقذاره وَقد يَجِيء من مستقدر قيل وَقد نقل مثله عَن ولي الله الشَّيْخ عبد الْقَادِر الكيلاني قدس الله سره وَلَا بعد فِيهِ لِأَن معجزات الْأَنْبِيَاء قد تكون كرامات لأولياء أمته وَفِي ربَاعِية لي
(من أكْرم مُرْسل عَظِيم جلا ... لم تدن ذُبَابَة إِذا مَا حلا)

(هَذَا عجب وَلم يذقْ ذُو نظر ... فِي الوجودات من حلاه أحلى)
وتظرف مِنْهُ منلا جامي فَقَالَ مُحَمَّد رَسُول الله لَيْسَ فِيهِ حرف منقوط لِأَن النقط يشبه الذُّبَاب فصين اسْمه ونعته عَنهُ كَمَا قلت فِي مدحه

(لقد ذب الذُّبَاب فَلَيْسَ يَعْلُو ... رَسُول الله مَحْمُودًا مُحَمَّد)

(ونقط الْحَرْف يحكيه بشكل ... لذاك الْخط مِنْهُ قد تجرد)
وَمن تحريراته فِي أَن الْقُرْآن هَل فِيهِ السجع أَولا قَالَ وَقَالَ البقاعي فِي كتاب مصاعد النّظر اخْتلف فِيهِ السّلف فَقَالَ أَبُو بكر الباقلاني فِي كتاب الإعجاز ذهب أَصْحَابنَا الأشاعرة كلهم إِلَى نفي السجع عَن الْقُرْآن كَمَا ذكره أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ فِي غَيره مَوضِع من كتبه وَذهب كثير مِمَّن خالفهم إِلَى إثباتة انْتهى وَالْقَوْل الثَّانِي فَاسد من اخْتِلَاف أَكثر فواصله فِي الْوَزْن والروى وَلَا يَنْبَغِي الإغترار بِمَا ذكره بعض الأماثل كالبيضاوي والتفنا زاني من إِثْبَات الفواسل والسجع فِيهِ وَإِن مُخَالفَة النّظم فِي مثل هَارُون ومُوسَى بِحَسبِهِ وَنقل أَبُو حَيَّان فِي قَوْله تَعَالَى {وَلَا الظل وَلَا الحرور} فِي فاطر أَنه لَا يُقَال فِي الْقُرْآن قدم كَذَا وَأخر كَذَا للسجع لإن الإعجاز لَيْسَ فِي مُجَرّد اللَّفْظ بل فِيهِ وَفِي الْمَعْنى وَمَتى حول اللَّفْظ لاجل السجع عَمَّا كَانَ يتم بِهِ الْمَعْنى بِدُونِ سجع نقص الْمَعْنى ثمَّ أَنه قَالَ لَو كَانَ فِي الْقُرْآن سجع لم يخرج عَن أساليب كَلَامهم وَلم يَقع بِهِ إعجاز وَلَو حَاز أَن يُقَال سجع معجز جَازَ أَن

الصفحة 335