كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

وَفِي كَلَام الْعَرَب اقطعه من حَيْثُ رك أَي من حَيْثُ ضعف وَمِنْه قيل للضعيف رَكِيك فِي الحَدِيث أَن الله تَعَالَى يبغض السُّلْطَان المركك وَقَالَ هُوَ عَلَيْهِ هَذَا على تَقْدِير السماع فِيهِ أَمر سهل فَإِنَّهُ يلْزم من رقة الثَّوْب عدم قوته فَلَا مَانع من إِرَادَة لَازمه وَبَاب الْمجَاز مَفْتُوح وَلذَا فسر أهل اللُّغَة رك برق وَلَا حَاجَة فِي أَن يُقَال تبدل الْكَاف قافا لقرب مخرجيهما وَمن ملح ابْن نباتة قَوْله
(كَانَت للفظي رقة ... ضن الزَّمَان بِمَا اسْتحقَّت)

(فصرفتها عَن فكرتي ... وقطعتها من حَيْثُ رقت)
وللشهاب
(كم من كريم قد بَات فِي دعة ... أَتَاهُ سيل الصَّباح بالنكد)

(وَرب فرخ أراشه زمن ... فَصَارَ بالعز بَيْضَة الْبَلَد)
هَذَا جَار على اسْتِعْمَال أهل الْحجاز يَقُولُونَ فِي الشتم وَهُوَ فرخ يَعْنِي ولد زنالا يعرف لَهُ أَب وَإِنَّمَا تعرف الدَّجَاجَة الَّتِي باضته وَفِي الحَدِيث الشريف على بعض الرِّوَايَات فرخ الزنالا يدْخل الْجنَّة وَهُوَ اسْتِعَارَة بديعة فِي بَابهَا وَقَوله فَصَارَ بالعز بَيْضَة الْبَلَد جرى فِيهِ على أحد احتمالية وَهُوَ الْمَدْح وَالْمرَاد بِهِ وَاحِد الْبَلَد الَّذِي يجمع إِلَيْهِ وَيقبل قَوْله لَكِن الْأَشْهر أَنه ذمّ وَقَوْلهمْ فلَان بَيْضَة الْبَلَد أبي لَا يعبأ بِهِ كَمَا ذكره فِي مجمع الْأَمْثَال وَله
(سِهَام جفونه أعرضن عني ... فأسرع فتكها ونما جواها)

(فيا لَك أسهما تصمي الرمايا ... إِذا صرفت إِلَى شَيْء سواهَا)
وَمثله لِابْنِ الرُّومِي
(نظرت فأقصدت الْفُؤَاد بسهمها ... ثمَّ انْثَنَتْ عَنهُ فكاد يهيم)

(ويلاه إِن نظرت وَإِن هِيَ أقصدت ... وَقع السِّهَام وقصدهن اليم)
وَمن شعره قَوْله
(إِن يعد ذُو بغى عَلَيْك فخله ... وارقب زَمَانا لانتقام الطاغي)

(وَاحْذَرْ من الْبَغي الوخيم فَلَو بغى ... جبل على جبل لَدُكَّ الْبَاغِي)
أَصله مَا روى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَو بغى جبل على جبل لَدُكَّ الْبَاغِي وَكَانَ الْمَأْمُون يتَمَثَّل بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ لِأَخِيهِ الْأمين
(يَا صَاحب الْبَغي إِن الْبَغي مصرعة ... فاعدل فَخير فعال الْمَرْء أعدله)

(فَلَو بغى جبل يَوْمًا على جبل ... لَا ندك مِنْهُ أعاليه وأسفله)

الصفحة 340