كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
لَا يُحصونَ كَثْرَة قَالَ صَاحب الْإِنْس الْجَلِيل بتاريخ الْقُدس والخليل ومناقبهم لَا تحصى وَذكر مِنْهُم جمَاعَة وسَاق نسب السَّيِّد بدر فَقَالَ بدر بن مُحَمَّد بن يُوسُف ابْن بدر بن يَعْقُوب بن مظفر بن سَالم بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن زيد بن عَليّ بن الْحسن بن العريض الْأَكْبَر بن زيد بن زين العابدين بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ إِلَّا أَن الشَّيْخ أَحْمد كَانَ يخفي نسبه اكْتِفَاء بِنسَب التَّقْوَى المفضي للتنصل من أَسبَاب الْفَخر والجاه فِي الدُّنْيَا فتبعته على ذَلِك ذُريَّته وَكَانَت وَالِدَة الشَّيْخ مُحَمَّد الْمدنِي من ذُرِّيَّة سيدنَا تَمِيم الدَّارِيّ رَضِي الله عَنهُ وهم كَثِيرُونَ بِبَيْت الْمُقَدّس ووالدة صَاحب التَّرْجَمَة من بَيت الْأنْصَارِيّ وَلِهَذَا كَانَ يكْتب بِخَطِّهِ أَحْمد الْمدنِي الْأنْصَارِيّ وَتارَة سبط الْأَنْصَار ورباه وَالِده وَأَقَرَّاهُ بعض الْمُقدمَات الْفِقْهِيَّة على مَذْهَب الإِمَام مَالك لِأَن وَالِده تمذهب بِمذهب شَيْخه الشَّيْخ مُحَمَّد بن عِيسَى التلمساني وَكَانَ من كبراء الْعلمَاء والأولياء بِالْمَدِينَةِ ورحل بِهِ وَالِده إِلَى الْيمن فِي سنة إِحْدَى عشرَة بعد الْألف فَأخذ عَن أَكثر علمائه وأوليائه خُصُوصا شُيُوخ وَالِده الْمَوْجُودين إِذْ ذَاك كالشيخ الْأمين بن الصّديق المراوحي وَالسَّيِّد مُحَمَّد الغرب وَالشَّيْخ أَحْمد السطيحة الزَّيْلَعِيّ وَالسَّيِّد عَليّ القبع وَالشَّيْخ عَليّ مطير وَمكث عِنْد وَالِده مُدَّة ثمَّ حدث لَهُ وَارِد مزعج فَخرج سائحاً من الْيمن حَتَّى وصل إِلَى مَكَّة وَمكث بهَا مُدَّة وَصَحب جمَاعَة كالسيد أبي الْغَيْث شجر وَالشَّيْخ سُلْطَان المجذوب وَعَاد إِلَى الْمَدِينَة وَصَحب بهَا الشَّيْخ أَحْمد بن الْفضل بن عبد النافع ابْن الشَّيْخ الْكَبِير مُحَمَّد بن عراق وَالشَّيْخ الْوَلِيّ عمر بن القطب بدر الدّين العادلي وَالشَّيْخ شهَاب الدّين الملكاني وَغَيرهم ثمَّ لزم الشَّيْخ الْكَبِير أَحْمد بن عَليّ الشناوي الشهير بالخامي وتمذهب بمذهبه وسلك طَرِيقَته وَقَرَأَ كتبا فِي مشربه وَأخذ عَنهُ الحَدِيث وَغَيره وَلَا زَالَ ملازماً لَهُ حَتَّى اخْتصَّ بِهِ وزوجه ابْنَته واستخلفه ثمَّ أَخذ عَن رَفِيق شَيْخه فِي الْإِرَادَة السَّيِّد أسعد الْبَلْخِي ولازمه حَتَّى مَاتَ وَورث أَحْوَاله ثمَّ صحب خلقا يطول تعداد أسمائهم وَكَانَ جملَة من أَخذ عَنْهُم فِي طَرِيق الله تَعَالَى نَحْو مائَة شيخ مِنْهُم الشَّيْخ عبد الْحَكِيم خَاتِمَة أَصْحَاب الْغَوْث مؤلف الْجَوَاهِر الْخمس وَمِنْهُم الْعَلامَة المنلا شيخ الْكرْدِي قَرَأَ عَلَيْهِ فِي الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا وَلم يزل على قُوَّة حَاله حَتَّى انْتفع بِهِ النَّاس على اخْتِلَاف طبقاتهم وانتشر صيته وَكَثُرت أَتْبَاعه فِي أقطار الأَرْض وَشهد لَهُ أَوْلِيَاء وقته بِأَنَّهُ الإِمَام الْمُفْرد كالشيخ أَيُّوب الدِّمَشْقِي فَإِنَّهُ كتب إِلَيْهِ كتبا يَقُول فِي بَعْضهَا إِنِّي لأعْلم
الصفحة 344