كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

هَلُمَّ إِلَى الْقُوَّة والمنعة فَيَقُول خلوا سَبِيلهَا يَعْنِي النَّاقة أَنَّهَا مأمورة وَلم يَزُجّ من زمامها وَلم يحولها وَهِي تنظر يَمِينا وَشمَالًا حَتَّى إِذا أَتَت دَار مَالك بن النجار بَركت على بَاب الْمَسْجِد وَهُوَ يَوْمئِذٍ لسهل وَسُهيْل ابْني رَافع بن عَمْرو وهما يتيمان فِي حجر معَاذ بن عفراء وَيُقَال أسعد بن زُرَارَة وَهُوَ الْمُرَجح ثمَّ ثارت وَهُوَ
عَلَيْهَا حَتَّى بَركت على بَاب أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ ثمَّ ثارت مِنْهُ وبركت فِي مبركها الأول وَأَلْقَتْ جِرَانهَا بِالْأَرْضِ يَعْنِي بَاطِن عُنُقهَا أَو مقدمها من المذبح ورزمت يَعْنِي صوتت من غير أَن تفتح فاها فَنزل عَنْهَا رَسُول الله
وَقَالَ هَذَا الْمنزل إِن شَاءَ الله وَاحْتمل أَبُو أَيُّوب رَحْله وَأدْخلهُ بَيته وَمَعَهُ زيد بن حَارِثَة وَكَانَت دَار بني النجار أَوسط دور الْأَنْصَار وأفضلها وهم أخوال عبد الْمطلب جده عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَذَا فِي الْمَوَاهِب اللدنية للقسطلاني عود إِلَى تَمام سيرة ابْن هِشَام وَابْن سيد النَّاس وَخير الْأَنَام الني هِيَ أزكى من الرَّوْض الْأنف يفتر عَن زهر الكمام ثمَّ انثالت إِلَيْهِ من أَبنَاء الشَّهْبَاء عُيُون أعيانها من وُجُوه علمائها واشرافها الَّذين هم إِنْسَان حدقة انسابها انثيال الدّرّ إِلَى الْوَاسِطَة من عقد النَّحْر واحتفت بِهِ احتفاف النُّجُوم بالبدر فَمن دَعَاهُ نَادِيه فلباه حظي بإقبال وَجهه وطلعة محياه فرأيناه يحاضرنا بأخبار الشريف الرضي من وَجه مذْهبه فِي البلاغة وضي وَطَرِيقه وَهُوَ أَخُو المرتضى مرضى ويلهج كثيرا بأخباره ويحفظ أغلب أشعاره فمدحته بقصيدة مطْلعهَا
(لله أكناف بخيف ... طابت وطاب بهَا وُقُوفِي)
إِلَى أَن قلت فِي التَّخَلُّص إِلَى المديح
(وَإِذا طلبت عريفهم ... ولأنت بالفطن العريف)

(فَهُوَ الشريف ابْن الشريف ... ابْن الشريف ابْن الشريف)
فقابل لَدَى إنشادها طَربا وَأظْهر إعجابا بهَا وعجبا قَائِلا لَا فض الله فَاك وَكثر من أمثالك فَقلت اسْتَجَابَ الله دعَاك كَمَا اسْتَجَابَ من جدك رَسُول الله
حِين أنْشدهُ النَّابِغَة الْجَعْدِي
(بلغنَا السما مجدا وجودا وسوددا ... وَإِنَّا لنَرْجُو فَوق ذَلِك مظْهرا)
فَقَالَ لَهُ
إِلَى أَيْن يَا ابْن أبي ليلى قَالَ إِلَى الْجنَّة يَا رَسُول فَقَالَ أجل ثمَّ قَالَ

الصفحة 361