كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
قرب طرابلس الشَّام فَإِنَّهُ كَانَ مر عَلَيْهَا قادما من نَاحيَة مصر على طَرِيق السَّاحِل وَبعد مَا عَاد من الرّوم مَاتَ فِي الطَّرِيق وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَاخِر سنة إِحْدَى أَو اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَألف رَحمَه الله تَعَالَى
الْأَمِير أَحْمد بن مطاف أَمِير الْأُمَرَاء بحلب ذكره أَبُو الْوَفَاء العرضي فِي تَارِيخه وَقَالَ فِي تَرْجَمته لم يزل يتدرج إِلَى المناصب حَتَّى تولى كَفَالَة حلب وَفِي تِلْكَ الْأَيَّام وَقع الْحَرِيق فِي سوق العطارين وَذهب للنَّاس أَمْوَال كَثِيرَة مَعَ أَن هَذَا الْأَمر لم يعْهَد فِي حلب قيل سَببه أَن بَعضهم نسي فِي الشقف بعض نَار وَقيل أَن جمَاعَة الكافل فعلوا ذَلِك عمدا حَتَّى يغرموا النَّاس الْأَمْوَال وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال وَالَّذِي قَالَه بعض أَرْبَاب الْعُقُول الْحَسَنَة أَن هَذَا الْأَمر وَقع من غفل رجل عَن النَّار وَظهر فِي زَمَنه من الْعَرَب فَسَاد كثير من قطع الطَّرِيق وَأخذ أَمْوَال النَّاس حَتَّى ركب ابْنه درويش بك بعساكر حلب نَحْو ألف فَارس وَكَانَ أَمِير الْعَرَب عرار خَال دندن فَاقْتَتلُوا وَانْهَزَمَ عَسْكَر حلب فَكَانَ عرار يتبعهُم وَحده وَيقتل مِنْهُم ويفرّ وَمن تَحْتَهُ فرسه الَّتِي لَا تسابق وَعَلِيهِ الدرْع الَّذِي لَا تعلم فِيهِ السِّهَام وَلَا السيوف قيل وَلَا المكاحل وَاسْتمرّ يتبعهُم إِلَى قرب حلب وَكَانَ عرار فِي الشجَاعَة والفروسية لَا يُطَاق وعاش درويش بعد وَالِده مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَ من أكَابِر أَعْيَان المتفرقة وَحصل لَهُ الْقبُول التَّام عِنْد نصوح باشا وسعى على قتل السَّيِّد حُسَيْن نقيب الْأَشْرَاف بتحسين أَخِيه السَّيِّد لطفي قَائِلا لَهُ إِن أخي يفعل كَذَا وَيفْعل كَذَا وَسَيَأْتِي خبر قتل السَّيِّد حُسَيْن ثمَّ لما وَقعت الْفِتْنَة بَينه وَبَين حُسَيْن باشا ابْن جانبولاذ وَكَانَ يتهم درويش بك فِي أَنه هُوَ الَّذِي حسن لنصوح باشا كل هَذِه الْأُمُور فَلَمَّا ملك حُسَيْن باشا حلب وَصَارَ كافلها حبس درويش بك فِي القلعة وخنقه لَيْلًا وعلقه على بَاب الْحَبْس وَقَالَ إِن درويش بك هُوَ الَّذِي قتل نَفسه تجَاوز الله عَن الْجَمِيع وَكَانَ قَتله فِي سنة أَربع عشرَة بعد الْألف وَأَبوهُ صَاحب التَّرْجَمَة مَاتَ قبله وَهُوَ باني الْمدرسَة الْمَعْرُوفَة بِهِ بحلب وَقد شَرط لمدرسها فِي الْيَوْم عشر قطع فضية فِي قَول عشْرين عثمانياً صَحِيحا وَاتخذ لَهُ ثَلَاثِينَ جُزْءا من كتاب الله تَعَالَى وَهُوَ ختم كَامِل وَبنى لَهُ مدفناً وَله خَان وَبَعض دكاكين وَقفهَا على هَذِه الْخيرَات وَكَانَت وَفَاته فِي سنة ثَمَان بعد الْألف وَدفن بمحلة الجلوم رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ أَحْمد السطيحة بن المقبول بن عبد الْغفار بن أبي بكر بن المقبول تعيش