كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
الْمولى أَحْمد بن يُوسُف الْمُفْتِي الْأَعْظَم الْمَعْرُوف بالمعيد الْمجمع على فَضله وديانته وتبحره فِي الْعُلُوم ورزق من الْحَظ والإقبال فِي أُمُوره مَا لم يكن لأحد من أهل عصره ولد بقرية قازطاغى وَقدم قسطنطينية واشتغل بالعلوم حَتَّى مهر فِيهَا ثمَّ صَار من طلبة الْمولى مُحَمَّد فهمي الْمَعْرُوف بِابْن الحنائي وَصَارَ معيد درسه فِي مدرسة عَليّ باشا الجديدة وشهرته بالمعيد لذَلِك ثمَّ لَازم مِنْهُ بعد انْفِصَاله عَن الْمدرسَة الْمَذْكُورَة واختص بالعلامة الْمُحَقق الْمولى مُحَمَّد بن عبد الْغَنِيّ صَاحب الْحَاشِيَة على تَفْسِير الْبَيْضَاوِيّ الْآتِي ذكره وَكَانَ كثير التقشف مداوماً على الْعِبَادَة وعلماء الرّوم ينظرُونَ إِلَيْهِ نظر التوقير ويتوسمون فِيهِ الصّلاح والفلاح ثمَّ درس بعد ذَلِك على قاعدتهم حَتَّى وصل إِلَى إِحْدَى مدارس السُّلْطَان سُلَيْمَان وَولي مِنْهَا قَضَاء دمشق نَهَار الْأَرْبَعَاء حادي عشر شهر رَجَب سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَألف وَكَانَت سيرته فِي حكوماته مرضية جدا وَولد لَهُ فِي دمشق ولد سَمَّاهُ يحيى الشَّامي وَذَلِكَ فِي سَابِع ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَقيل فِي تَارِيخه قدوم يحيى عَلَيْك عيد وعزل فِي ثَالِث يَوْم من وِلَادَته وَتُوفِّي ابْنه الْمَذْكُور ثَانِي يَوْم عَزله ثمَّ سَار إِلَى قسطنطينية وَبعد مُدَّة صَار قَاضِيا بِمصْر فِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وعزل عَنْهَا وَولي بعد ذَلِك قَضَاء أدرنة وقسطنطينية وَقَضَاء الْعَسْكَر بأناطولي فِي عشرى ذِي الْحجَّة سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَوَقع بَينه وَبَين الْعَلامَة يُوسُف بن أبي الْفَتْح الدِّمَشْقِي إِمَام السُّلْطَان امتحان بِسَبَب أَنه تخطاه فِي مجْلِس أحد الصُّدُور وَجلسَ فَوْقه وتباحثا فِي بعض مسَائِل من عُلُوم مُتَفَرِّقَة سأذكرها فِي تَرْجَمَة الْفَتْح إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِنَّهَا كثيرا مَا تطب وَيسْأل عَنْهَا وَذَاكَ محلهَا فَإِن الفتحى هُوَ السَّائِل وَله على لأجوبة إشكالات دقيقة المسلك وبسببها ظهر الفتي عَلَيْهِ فِي الْبَحْث فَأعْطى رُتْبَة قَضَاء الْعَسْكَر بروم ايلي لِيَتَقَدَّم فِي الْجُلُوس على المعيد وَاسْتمرّ المعيد قَاضِي الْعَسْكَر باناطولي إِلَى أَن سَافر السُّلْطَان مُرَاد إِلَى بَغْدَاد وسافر هُوَ بخدمته حَتَّى وصلوا إِلَى ازنكميد فأهان رجلا من جمَاعَة الْمُفْتِي الْأَعْظَم الْمولى يحيى بن زَكَرِيَّا فَغَضب السُّلْطَان عَلَيْهِ لذَلِك وعزله وَوجه إِلَيْهِ فضاء بلغراد مَعَ فتواها فَتوجه إِلَيْهَا وَكَانَ بعض المنجمين بشره بالفتوى فظنها هِيَ وَلم يعلم أَن الْفَتْوَى الْعُظْمَى مدخرة لَهُ ثمَّ أذن لَهُ بِالْعودِ من بلغراد وَأعْطى ثَانِيًا قَضَاء الْعَسْكَر باناطولي وَنقل مِنْهَا بعد مُدَّة إِلَى قَضَاء عَسْكَر روم ايلي فَأَقَامَ بهَا مُدَّة طَوِيلَة وعزل ثمَّ أعْطى منصب الْفَتْوَى فِي نَهَار الاربعاء خَامِس
الصفحة 368