كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
إِلَيْهِ يَلْتَمِسُونَ مِنْهُ الْبركَة وَجَاء العجان على إثرهم فخاطبه وَأمره بِالْكِتْمَانِ مُدَّة الْحَيَاة ولد بِدِمَشْق وَقَرَأَ الْقُرْآن على الشهَاب أَحْمد بن النبيه ثمَّ قَرَأَ الْفِقْه والنحو على الشَّيْخ البارع تَاج الدّين ثمَّ لزم وَالِده الْفَقِيه الْكَبِير يُونُس ثمَّ أمره وَالِده بملازمة فَقِيه الْعَصْر أقضى الْقُضَاة نور الدّين عَليّ النَّسَفِيّ الْمصْرِيّ نزيل دمشق فلازمه سِنِين حَتَّى تبحر فِي الْفِقْه وَحضر بأَمْره أَيْضا دروس الْعَلَاء بن عماد الدّين وَأخذ الحَدِيث عَن الشَّمْس مُحَمَّد بن طولون وَغَيره وَقَرَأَ فِي القراءآت على أستاذ الْقُرَّاء الشهَاب الطَّيِّبِيّ وَصَحب فِي طَرِيق الْقَوْم ومذاكرة الْعُلُوم الشهَاب أَحْمد بن الْبَدْر الْغَزِّي واصطحب فِي الطَّرِيق أَيْضا الشَّيْخ عبد الرَّحِيم الصَّالِحِي وَأَجَازَهُ الْبَدْر الْغَزِّي بالفتوى بعد وَفَاة الطَّيِّبِيّ وَأخذ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم الْحسن البوريني وَالشَّيْخ مُحَمَّد الجوخي والشرف الدِّمَشْقِي والنجم الْغَزِّي وَغَيرهم وَكَانَ أفقه أهل زَمَانه وَعَلِيهِ الْمعول فِي الْفَتْوَى وَمن بَينهم وَاخْتلف هُوَ والعلامة إِسْمَاعِيل النابلسي الشَّافِعِي فِي بِنَاء المنارة الْبَيْضَاء الَّتِي بنيت على كَنِيسَة النَّصَارَى دَاخل دمشق بمحلة الخراب فَأفْتى النابلسي بِعَدَمِ بنائها حذرا من أَن يكون إشهار الْأَذَان بهَا سَببا لسب النَّصَارَى لدين الْإِسْلَام وَنظر إِلَى الْآيَة {وَلَا تسبوا الَّذين يدعونَ من دون الله} الْآيَة وَأفْتى العيثاوي بِجَوَاز بنائها وَكَانَ الْبَانِي لَهَا عَلَاء الدّين بن الحجيج التَّاجِر الْكَبِير وَكَانَ قَاضِي الْقُضَاة مصطفى بن بُسْتَان مائلاً إِلَى مَا أفتى بِهِ العيثاوي ونائب الشَّام حسن باشا بن مُحَمَّد باشا مائلاً إِلَى مَا أفتى بِهِ النابلسي ثمَّ بنيت بِأَمْر القَاضِي بعد أَن بذل النَّصَارَى للوزير مَالا جماً وَألف العيثاوي فِي بنائها رِسَالَة لَطِيفَة وَكَانَ ذَلِك قبل التسعين والتسعمائة وَتَوَلَّى من الْوَظَائِف إِمَامَة الْجَامِع الْأمَوِي وخطابة الْجَامِع الْجَدِيد الْمَعْرُوف بالجامع الْمُعَلق خَارج بَاب الفراديس وَنصف خطابة التوريزية خَارج دمشق بمحلة قبر عَاتِكَة ودرس بالعمرية والعزيزية ثمَّ الظَّاهِرِيَّة ثمَّ الشامية البرانية وَوعظ بالجامع الْأمَوِي وجامع السُّلْطَان سُلَيْمَان وسافر إِلَى الْحصن وَإِلَى طرابلس الشَّام مرَّتَيْنِ لصلة أرحامه وَكَانَ لَهُ ثمَّ خؤلة وسافر إِلَى حلب مرَّتَيْنِ أَيْضا كِلَاهُمَا فِي مصلحَة أهالي دمشق الأولى سنة سِتّ عشرَة بعد الْألف هُوَ وَالشَّيْخ مُحَمَّد بن سعد الدّين وَآخَرُونَ بشكاية إِلَى الْوَزير مُرَاد باشا بِمَا وَقع بِدِمَشْق ونواحيها من عَليّ بن جانبولاذ وفخر الدّين بن معن وأحزابهما وعتوّهما فِي بِلَاد دمشق والقصة مَشْهُورَة وَسَتَأْتِي
الصفحة 370