كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

فِي تَرْجَمَة ابْن جانبولاذ فِي حرف الْعين إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَالثَّانيَِة فِي سنة خمس وَعشْرين لرفع التَّكْلِيف عَن أهل دمشق بِسَبَب سفر الْعَجم الْوَاقِع فِي تِلْكَ السّنة وَأَقْبَلت عَلَيْهِ أهالي حلب للأخذ عَنهُ وعظموه تَعْظِيمًا بليغاً وَرَأَيْت أَبَا الْوَفَاء العرضي يثني عَلَيْهِ فِي تَارِيخه كثيرا وَذكر علمه وورعه وَهُوَ فِي نفس الْأَمر أهل لكل وصف حسن وَكَانَ مرض مرّة عَاما كَامِلا وَكَانَ ابْتِدَاء مَرضه فِي عيد الْأَضْحَى سنة سبع وَتِسْعين وَتِسْعمِائَة وانْتهى فِي عيد الْأَضْحَى من الْعَام الْقَابِل فعيده الْحسن البوريني وَأنْشد لنَفسِهِ قَوْله
(شهَاب الْمَعَالِي وَبدر الدجى ... وَمن مِنْهُ كل الورى تستفيد)

(نذرت الصّيام ليَوْم الشفا ... وَكَيف يَصُوم الْفَتى يَوْم عيد)
قَالَ النَّجْم الْغَزِّي فِي ذيله الْمُسَمّى بلطف السمر فِي أَعْيَان الْقرن الْحَادِي عشر أَخْبرنِي مرَارًا أَن مولده فِي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة وتمرض بحمى الرّبع وَتُوفِّي فِي مستهل ذِي الْحجَّة سنة خمس وَعشْرين وَألف عَن أَربع وَثَمَانِينَ سنة وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير وَقَالَ أَبُو بكر الْعمريّ فِي تَارِيخ وَفَاته
(يَا أَخا الْعلم خَاضَ بَحر الْفَتَاوَى ... وَغدا الدّين دامي الطّرف أرمد)

(مَاتَ غوث الْأَنَام من كَانَ يستسقى ... بِهِ الْغَيْث وَالْخَلَائِق تشهد)

(شَيخنَا العيثوي بل شيخ أهل الْعَصْر ... طرّ ادْع جَاهِلا فِيهِ فند)

(شَافِعِيّ الزَّمَان مَالك أَسبَاب ... الْعُلُوم الَّتِي بهَا النَّاس ترشد)

(قل إلهي إِذا دَعَوْت وأرخ ... ارْحَمْ العيثوي عَبدك أَحْمد)
والعيثاوي بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة ثمَّ يَاء مُثَلّثَة وَألف مَقْصُورَة نِسْبَة إِلَى عيثاقرية من قرى الْبِقَاع العزيزي من ضواحي دمشق وَيُقَال فِي النِّسْبَة إِلَيْهَا عيثوي أَيْضا كَمَا اسْتَعْملهُ الْعمريّ وعيثالغة عامية وَكَانَ وَالِده يُونُس قدم مِنْهَا إِلَى دمشق وتوطنها ذكره البوريني
أَحْمد بن يُونُس وَزِير شرِيف مَكَّة السَّيِّد إِدْرِيس بن الْحسن كَانَ شَدِيد الْبَأْس ذَا قُوَّة وَعدد ومدد وطار صيته فِي الْآفَاق وَأكْثر الدخل وَأَقل الْإِنْفَاق وَكَانَ ذَا تَدْبِير لأحواله حَتَّى جَاوز الْحُدُود فَوَقع مَا قَضَاء الله تَعَالَى وَذَلِكَ أَنه لما استفحل أمره وَعظم صَارَت الْأُمُور كلهَا منوطة بِرَأْيهِ فتعدى طوره وَلم يقف عِنْد حَده فتوافق الشريف إِدْرِيس والشريف محسن على عَزله فَأرْسل الشريف إِدْرِيس وَكَانَ

الصفحة 371