كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

وكل عراق الْعَرَب وأذربيجان وشروان وبلاد الكرج فَلَزِمَ إِن شاه عَبَّاس بن خداي بنده الضَّرِير الْمَذْكُور أرسل عسكراً وافراً فَأخذُوا كيلان من يَد خَان أَحْمد فهرب مَعَ جمَاعَة معدودين إِلَى جَانب السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُرَاد فَدخل عَلَيْهِ وامتدحه بقصيدة عَظِيمَة يحثه فِيهَا على أَخذ كيلان من يَد شاه عَبَّاس وَأهْدى لَهُ شمعداناً مرصعاً قيل إِنَّه خمن بِثَمَانِينَ ألف دِينَار وَلم يحصل على مُرَاده من الْعَسْكَر وَذهب إِلَى بَغْدَاد بِإِذن السُّلْطَان فَمَاتَ بهَا فِي سنة تسع بعد الْألف
الشَّيْخ أَحْمد الضوي الْمصْرِيّ الْمَعْرُوف بِأبي لبد لِأَنَّهُ كَانَ يتعمم بعدة برد وَيَضَع على رَأسه عقدَة لبد ويجعلها وَاحِدَة فَوق وَاحِدَة المجذوب الْيَقظَان الهائم السَّكْرَان كَانَ مُقيما بقلمه بِقرب قليوب لَا يأوي غَالِبا إِلَّا للكيمان وَكَانَ بَينه وَبَين النُّور ابْن العظمة الْآتِي ذكره مَا يكون بَين الأقران حَتَّى أَنه لم يدْخل مصر مُدَّة حَيَاته مهابة لَهُ وَله كرامات وأحوال غزيرة مِنْهَا مَا حَكَاهُ الحمصاني أَنه دخل على والدته ذَات يَوْم فَقَالَ أعندك شَيْء آكله فَقَالَت لم يكن عِنْدِي إِلَّا جبن فَقَالَ بلَى عنْدك لبن ادخرتيه لزوجك وَكَانَت ادّخرته لَهُ كَمَا قَالَ وَلم تعلم بِهِ أحدا قَالَ الحمصاني وَكَانَ لَهُ اطلَاع على الخواطر مَا وقف إِنْسَان تجاهه إِلَّا كاشفه بِمَا عِنْده وَمِنْهَا أَنه وجد غزالة مَعَ رجل بسوق طنان فَقَالَ لَهُ بِعني هَذِه فَقَالَ أَعْطَيْت خمسين نصفا فَقَالَ لَهُ خُذ هَذَا ثمنهَا فَوضع فِي يَده خَمْسَة أَنْصَاف فَأَعَادَهَا لَهُ وَقَالَ لَهُ أَقُول لَك أَعْطَيْت خمسين فَمَا يزَال يدفعهم لَهُ بعينهم وَفِي كل مرّة يزِيدُونَ وَيَقُول هم الثّمن إِلَى أَن صَارُوا خمسين وَله غير ذَلِك وَتُوفِّي فِي سنة سبع عشرَة بعد الْألف
الشَّيْخ أَحْمد الْمَدْعُو حَمده المجذوب الصاحي كَانَ كشفه لَا يكَاد يتَخَلَّف وَكَثِيرًا مَا يخبرنا بالشَّيْء قبل وُقُوعه قَالَ الْمَنَاوِيّ قَالَ الْوَلَد يَعْنِي وَلَده زين العابدين الْآتِي ذكره مَا تلبست بِحَال إِلَّا كاشفني بِهِ وَهُوَ مُقيم عِنْد نسَاء بِبَاب الْفتُوح يخدمهن وبعضهن بغيات وَمَا مَاتَ أحد مِنْهُنَّ إِلَّا عَن تَوْبَة وَرُبمَا صَار بَعضهنَّ من أهل المقامات وَيذْهب كل يَوْم من بَاب الْفتُوح إِلَى بَاب زويلة يجمع لَهُنَّ دَرَاهِم من أَرْبَاب الحوانيت قَالَ وَقَالَ لي الحمصاني لَقيته مرّة وَإِذا بولدك قادم فَقَالَ لَهُ أَصبَحت فِينَا صيرفياً وَمن لم تستجوده فَلَيْسَ عبقرياً طَاعَتك علينا حكم الْفَرْض لَا نصدر إِلَّا عَن رَأْيك فِي الطول وَالْعرض وَكَانَت وَفَاته فِي أَوَائِل سنة سِتّ وَعشْرين وَألف وَدفن فِي الرَّوْضَة خَارج بَاب النَّصْر

الصفحة 374