كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)
(لَهَا برص بِإِحْدَى إسكتيها ... كعنفقة الفرزدق حِين شَابًّا)
غير أَن الفرزدق نظام وَهَذَا من جملَة الْعَوام بل الْهَوَام أَو جحظة الْبَرْمَكِي الَّذِي يَقُول فِيهِ ابْن الرُّومِي
(نبئت جحظة يستعير جحوظه ... من فيل شطرنج وَمن سرطان)
(وارحمتا لمنادميه تحملوا ... ألم الْعُيُون للذة الآذان)
خلا أَن منادم هَذَا يجمع بَين الألمين بَين ألم الْأذن وألم الْعين أَو هُوَ أَبُو زيد الَّذِي قَالَ فِيهِ الصاحب
(انْظُر إِلَى وَجه أبي زيد ... أوحش من حبس وَمن قيد)
(وحوشه ترتع فِي ثَوْبه ... وظهره يركب للصَّيْد)
بيد أَن أَبَا زيد أثبت لَهُ الصاحب صفة الصَّيْد وَهُوَ لَا يكون إِلَّا لوزير أَو لأمير ابْن أَمِير وَهَذَا الفاتك المتناسك كَأَنَّهُ حجام أَو حائك أَو هُوَ عَيَّاش الَّذِي قَالَ فِيهِ أَبُو تَمام
(أيا من أعرض الْعَالم طرّاً عَنهُ من بغضه ... وَيَا من بعضه يشْهد بالبغض على بعضه)
(وَيَا أثقل خلق الله من ماش على أرضه ... وَيَا أقذر مَخْلُوق تناهى الْخلق فِي رفضه)
(وَمن عاف مليك الْمَوْت ... واستقذر من قَبضه)
وَأقسم بِاللَّه أَن قدر عَيَّاش مَا بَين الأوباش بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَذَا القلاش فِي المعاش كنسبة أبي تَمام لبَعض أراذل الْعَوام وَلَيْسَ فِي نفس الْأَمر إِلَّا زيد الَّذِي وَصفه عَمْرو فَقَالَ يَا صَاحب الشقاوة ومنبع الغباوة كم تدّعى الْحَلَاوَة وَقَالَ مَا هَذِه العلاوة والطرف ذُو غشاوة وحظك الْعَدَاوَة وَقَالَ فِيهِ
(يَا من بِهِ وبشكله ... لِذَوي البصائر تبصره)
(أَخْلَاق ثَوْبك عِبْرَة ... للعاقلين وتذكره)
(قومت مَا فِيهِ أَتَى ... بقمامة فِي مجزرة)
(فِي كل مغر زابره ... قاذورة أَو مطهره)
(مَا أَنْت إِلَّا دمثة ... مَكْرُوهَة مستقذره)
وَقَالَ فِيهِ
(يَا بَحر جهل قد زخر ... بالحمق دهراً فافتخر)
(هلا تنسمت الَّذِي ... فِي الثَّوْب من فضل الْحجر)
(مَا للكيف رَوَائِح ... فاحت بفيك من البخر)
وَقَالَ فِيهِ
(يَا ذَا الَّذِي قد جَاءَنَا ... والشكل مِنْهُ مزدرى)
الصفحة 377