كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

مُتَوَلِّيًا جدة ومشيخة الْحرم وَصرف عماد عَنْهَا فَسَارُوا من مصر وهم بأتباعهم وَمن مَعَهم من الْحجَّاج والتجار يدْخلُونَ فِي ألف وَخَمْسمِائة فَلَمَّا وصل الْخَبَر إِلَى مَكَّة توجه حمود وَمَعَهُ سعيد بن بشير بن حسن وَكَانَ والياً على بيشة ونواحيها مُدَّة فِي زمن زيد فأخرجوه مِنْهَا فواجه الْعَسْكَر بينبع فِي جَيش لهام من أهل يَنْبع وجهينة وعنزة فَأَخَذُوهُمْ عَن آخِرهم وقتلوهم وسلبوا أَمْوَالهم وَأسرُوهُمْ وَلم يسلم مِنْهُم إِلَّا نَحْو مائَة وَقبض على الْأَمِير يُوسُف وَقتل حِينَئِذٍ من الْأَشْرَاف بشير بن أَحْمد بن عبد الله ابْن حسن وسرور بن عبد الْمُنعم وَمن ذَوي عنقاء زين العابدين بن نَاصِر وَقتل أَيْضا السَّيِّد لِبَاس وَسبب قَتله أَنه صعد أول الْحَرْب إِلَى متراس للترك ظَنّه متراساً لعسكر حمود فَلَمَّا وصل إِلَيْهِم مَاشِيا صاعداً تلقوهُ فَقطعُوا رَأسه من حِينه ووضعوه فِي مخلاة علقت على بعير وَلم يدروا بِهِ إِلَّا بعد انكسار جَيش التّرْك وَجَاء بِهِ بعض من أَخذ الْجمل بِمَا عَلَيْهِ من الْمَتَاع وَأُصِيب السَّيِّد عبد الْمعِين بن نَاصِر فِي رَأسه بعد أَن زاغت عَنهُ الخوذة بِسَبَب وُقُوعه عَن الْفرس بكبوها وقتلها ونهبت الأجمال بالأحمال ثمَّ أَمر حمود بِجمع حَرِيم الْأَمِير يُوسُف وَغَيره فِي مخيم كَبِير وأجرى عَلَيْهِم المصروف وَمَات الْأَمِير يُوسُف وَكَانَ اللِّقَاء الْمَذْكُور يَوْم الْأَرْبَعَاء عَاشر رَجَب من هَذِه السّنة وَكَانَ حمود أرسل إِلَى الْعَسْكَر قبل قدومهم عَلَيْهِ أَن لَيْسَ لكم طَرِيق علينا إِن لم يكن السَّيِّد أَبُو الْقَاسِم مَعكُمْ وَالسَّيِّد مُحَمَّد فَلم يمتثلوا فَلَمَّا وصل الْخَبَر إِلَى مصر قتلوا من كَانَ من أَتبَاع السَّيِّد أبي الْقَاسِم وَالسَّيِّد مُحَمَّد وتتبعوهم فِي الْأَمَاكِن وَأمر بالسيدين إِلَى حبس الدَّم بعد أَن طلب وَزِير مصر الْفَتْوَى من الْعلمَاء بِجَوَاز قَتلهمَا فَلم يفتوه فَأمر باعتقالهما ثمَّ عزل إِبْرَاهِيم باشا عَام ثَمَانِينَ وَتَوَلَّى مصر حُسَيْن باشا ابْن جانبولاذ فَسَأَلَ عَن سَبَب حبسهما فَأخْبر بِمَا وَقع فِي الْعَسْكَر من أبويهما فَقَالَ هَل كَانَ الْوَاقِع قبل وصولهما أَو بعده فَقيل بعده بِمدَّة فَقَالَ لَا ينْسب شَيْء من ذَلِك إِلَيْهِمَا وَأمر بإخراجهما واستدناهما وأكرمهما وَأقَام لَهما من الْمعِين مَا يكفيهما وأنزلهما بِبَيْت نقيب الْأَشْرَاف فَلَمَّا كَانَ شهر رَمَضَان استدعاهما النَّقِيب لَيْلَة إِلَى الْإِفْطَار عِنْده فَأَتَاهُ أَبُو الْقَاسِم فِي جملَة من أَصْحَابه وَلم يَأْته مُحَمَّد فدعاهما فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة فَكَانَ كَذَلِك فاستنكر عدم مَجِيء مُحَمَّد تِلْكَ اللَّيْلَة فردّد الرُّسُل إِلَيْهِ فَلم يَأْتِ فقوي الريب عِنْده فَاعْتَذر عَنهُ أَبُو الْقَاسِم ثمَّ خرج مُحَمَّد بمفرده فارّاً من مصر إِلَى مَكَّة مَاشِيا حَتَّى انْتهى إِلَى الْعقبَة فَأتى لَهُ بِمَا يركبه وَأما أَبُو الْقَاسِم فاستمر إِلَى أَن

الصفحة 440