كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

وَقدره ثَلَاثُونَ ألف قِرْش واستعطفوا الشريف بترك الثُّلُث فَتَركه وَأخذ عشْرين ألفا فَلم يسْتَطع الْمقَام بِمَكَّة فَأرْسل إِلَى جدة بعض أَتْبَاعه وَتوجه مَعَ الْحَاج الْمصْرِيّ إِلَى الْمَدِينَة وَأقَام بهَا فوفد عَلَيْهِ السَّيِّد مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْحَرْث فألزمه بالذهاب إِلَى وَالِده واستلحاقه إِلَيْهِ فِي الْمَدِينَة فَلَمَّا حضر نَادَى لَهُ فِي الْبِلَاد بعد أَن ألبسهُ خلعة وَأمر بِالدُّعَاءِ لَهُ على الْمِنْبَر وَقطع الدُّعَاء لسعد وَقد كَانَ سعد خرج صُحْبَة الْحَاج أَو عقبه حَتَّى وصل إِلَى يَنْبع فَأَقَامَ بهَا فَلَمَّا بلغه مَا فعل حسن باشا أرسل إِلَى أَحْمد الْحَرْث كتابا مضمونه بعد الثَّنَاء أَن هَذَا الْوَاقِع الَّذِي سمعنَا بِهِ من تقمصل برداء الْملك وأثوابه فَهَذَا أَمر أَنْت بَيته الْأَعْلَى وَمثلك أَحْرَى بِهِ وَأولى فأنك أَنْت الشَّيْخ وَالْوَالِد الْجَائِز كل كَمَال طريف وتالد فَإِن كَانَ هَذَا مُحكم الاساس فِي الْبُنيان جَارِيا على مُقْتَضى مرسوم السُّلْطَان فَنحْن بِالطَّاعَةِ أعوان وَإِن كَانَ الْأَمر خلاف ذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ من تسويلات هَذَا الظَّالِم الغادر وتنميقات ذَلِك المذمم الْغَيْر ظافر فأجل حلمك أَن تستخفه نكباء الطيش وَأَن تستزله اخلاط الأشارب وغوغاء الْجَيْش فَأرْسل إِلَيْهِ ابْن الْحَرْث الْجَواب بِأَن الْأَمر لم يكن على هواي وَإِنَّمَا هُوَ إِلْزَام مَعَ علمي بِأَن هَذَا الِابْتِدَاء لَا يكون لَهُ تَمام فاستشعر حسن باشا أَن من نِيَّة سعد الْمسير إِلَيْهِ فتهيأ لِلْقِتَالِ وصنع إكراً من حَدِيد قَرِيبا من مِائَتَيْنِ تسمى قنابر تملأ بالرصاص وَالْحَدِيد يَرْمِي بهَا من بعد إِلَى الْجَيْش وَكَانَ كلما أَرَادَ الْمسير ثبطه ابْن الْحَاجِب فعزم سعد وَأحمد إِلَى الْمَدِينَة وصمما على الْقِتَال وَكَانَ حمود نازلا بالمبعوث فِي المربعة المنسوبة إِلَى السَّيِّد مُحَمَّد الْحَرْث فَأَتَاهُ السَّيِّد أَحْمد بن حسن بن حراز رَسُولا من ابْن الْحَرْث وَحسن باشا بكتابين يستدعيانه إِلَيْهِمَا للانضمام ووعداه بِمَا يُريدهُ من الْجِهَات والمعينات ومضمون كتاب ابْن الْحَرْث بعد الثَّنَاء وَإِظْهَار الود والشوق أَن أَخَاك لم يكن لَهُ هَذَا الْأَمر ببال وَلم يلْتَفت إِلَيْهِ بالقال وَالْحَال وَإِنَّمَا لَحِقَنِي وَلَدي مُحَمَّد إِلَى الشعرى وَكرر عَليّ القَوْل مرّة بعد أُخْرَى وَلم أوافقه حَتَّى رَأَيْت جدك النَّبِي فِي الْمَنَام قَائِلا لي وَافق ودع الأوهام فحينذ رجعت وَالْقَصْد أَنِّي أَخُوك الَّذِي تعرفه وَلَا تنكره فاقبل إِلَيْنَا فَهُوَ أعظم جميل نذكرهُ ففكر حمود سَاعَة وَقَالَ كَأَنِّي برَسُول سعد يصبحنا إِن لم يماسنا فَقبل الْغُرُوب إِذا بِرَاكِب منيخ فَتقدم إِلَيْهِ وَأخرج مكتوبين من سعد وَأحمد مضمونهما استحثاثه فِي الْمسير اليهما وَإِن حسن باشا قد شمر عَن سَاقيه للحرب وكشر عَن نابيه لِلطَّعْنِ وَالضَّرْب وَاسْتشْهدَ سعد بقول

الصفحة 443