كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

الشَّاعِر
(مَا غَلطت رِقَاب الْأسد حَتَّى ... بأنفسها تولت مَا عناها)
وَأتبعهُ بقوله وَأَنت تعلم أَن الْأَمر الَّذِي يعنانا يعناك وأدري بِمَا يؤل إِلَيْهِ الْأَمر فِي ذَاك وَهَذِه ألف دِينَار صُحْبَة الْوَاصِل إِلَيْك فَأدْرك وَأدْركَ أدام الله فَضله عَلَيْك فَقَالَ لَهُ بعض الْحَاضِرين مَا رَأَيْت لمن تتَوَجَّه قَالَ إِلَى سعد صَاحب الْفضل ومولاه فَإِن بيني وَبَينه فِي ضريح الحبر عبد الله عهودا لَو عارضني فِيهَا وَالِدي عبد الله لكفحت وَجهه بِالسَّيْفِ دونه ثمَّ توجه على الركاب يَوْمه الثَّانِي وقوض الأخبية وَفَارق المباني حَتَّى وصل إِلَى سعد وأخيه وهما بِمحل يُقَال لَهُ ملجة فوافي ذَلِك عزل حسن باشا وَطَلَبه فارتحل إِلَى الْمَدِينَة فَمَاتَ بطرِيق غَزَّة وَدفن هُنَاكَ وَأَتَتْ إِلَى الشريف الْخلْع من وَزِير مصر وَكَانَ إرسالها ضربا من المكايد ثمَّ فِي آخر ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة قدم مُحَمَّد جاويش الْمُقدم ذكره بجيوش نَحْو أَرْبَعَة آلَاف أَو خَمْسَة قبل قدوم الْحَاج بأيام وَنصب خيامه فِي أَسْفَل مَكَّة نَحْو الزَّاهِر بِمن مَعَه من العساكر وصاروا يدْخلُونَ خَمْسَة سَوَاء أَو عشرَة أَو مَا قَارب ذَلِك ثمَّ يرجعُونَ إِلَى خيامهم ثمَّ قدم الْحَاج الْمصْرِيّ وَلبس الشريف خلعته الْمُعْتَادَة وَقدم الْحَاج الشَّامي وَمَعَهُ حُسَيْن باشا الْوَزير كافل الشَّام بِنَحْوِ ثَلَاثَة آلَاف وَقد فوض إِلَيْهِ أَن يعْمل بِمَا يَقْتَضِيهِ رَأْيه فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم السَّابِع من ذِي الْحجَّة خرج الشريف لملاقاة أَمِير الْحَاج الشَّامي على الْمُعْتَاد فَطلب مِنْهُ أَن يَأْتِي إِلَى مخيم الْأَمِير فَلم يرض لكَونه غير مُعْتَاد لأسلافه وترددت إِلَيْهِ الرُّسُل فِي ذَلِك فَلم يجب بل عطف عنان فرسه رَاجعا من طَرِيق الشبيكة إِلَى مَكَّة فخشوا من وُقُوع فتْنَة فأرسلوا الخلعة مَعَ من لحقه بهَا فِي أثْنَاء الطَّرِيق ثمَّ صعد الحجيج إِلَى عَرَفَات فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّفر وَهُوَ الْيَوْم الثَّانِي من أَيَّام منى ترددت الرُّسُل من الشريف إِلَى أَمِير الْحَاج الشَّامي لما هُوَ الْمُعْتَاد من الخلعة الَّتِي مَعهَا المرسوم السلطاني الَّتِي يلبسهَا ذَلِك الْيَوْم وَيقْرَأ المرسوم ويسمعه القاصي والداني فَلم يُؤْت بهَا إِلَيْهِ فاستشعر حِينَئِذٍ أَن مُرَادهم بِهَذِهِ العساكر الْقَبْض عَلَيْهِ فأضمر الصولة عَلَيْهِم والمسير ثمَّ رجح الانكفاف والذهاب فسافر بِمن مَعَه على الْخَيل والركاب وَلما كَانَ ظهر الْيَوْم الثَّانِي عشر حضر حُسَيْن باشا وَمُحَمّد جاويش وأمراء الْحَاج وأكابر الدولة واستدعوا جمَاعَة من الْأَشْرَاف مِنْهُم السَّيِّد أَحْمد بن الْحَرْث وَالسَّيِّد يُشِير بن سُلَيْمَان وَالسَّيِّد بَرَكَات مُحَمَّد وأظهروا وأمرا سلطانيا للشريف بَرَكَات بولايته على مَكَّة وألبس حِينَئِذٍ خلعة سلطانية وَنزل من منى إِلَى بَيت أَبِيه

الصفحة 444