كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

(أنخ الركاب فَهَذِهِ أم الْقرى ... قد لَاحَ نور الْهدى من مشكاتها)

(وَاجعَل شعارك فِيهِ تقوى الله كي ... تستنتج الْخيرَات من بركاتها)
وَلم يزل كَذَلِك عالي الهمة مَيْمُون النقيبة إِلَى أَن تغلب عَلَيْهِ غَالب الْأَشْرَاف وَخرج السَّيِّد أَحْمد بن غَالب مفارقاً لَهُ فِي نَحْو ثَلَاثِينَ شريفاً من ذَوي مَسْعُود وَغَيرهم فَدخلت الْأَشْرَاف فِي الصُّلْح بَينهم فَلم يتم وَخَرجُوا إِلَى الركاني من وَادي مر واجتمعوا هُنَاكَ وتأهبوا وَسَارُوا مِنْهُ قَاصِدين الْأَبْوَاب السُّلْطَانِيَّة فوصلوا إِلَى الشَّام فأنزلهم متوليها حُسَيْن باشا بِبَيْت عَظِيم وأجرى عَلَيْهِم مَا يكفيهم من الْمصرف وَبَالغ فِي تعظيمهم وَأرْسل يعرف بشأنهم إِلَى الْأَبْوَاب الْعلية فَأمروا بِكِتَابَة عرض بِمَا يشكونه فكتبوه وأرسلوه مَعَ اثْنَيْنِ مِنْهُم وهما السَّيِّد مُحَمَّد بن مساعد وَالسَّيِّد بشير بن مبارك بن فضل فوعدوا بإزاحة شكواهم وَكَانَ الشريف بَرَكَات عرض لما فَارقه ابْن غَالب وَمن مَعَه أَن الْأَشْرَاف اتَّبعُوهُ بِالطَّلَبِ الشطيط وَأَنه بَالغ فِي رضاهم بِكُل وَجه وَقَالَ إِنِّي رضيت أَن أجعَل لَهُم مغل ثَلَاثَة أَربَاع الْبِلَاد وَيكون لي ربعه فأبرزوا لَهُ أمرا سلطانياً بذلك وَلما كَانَ حادي عشري ربيع الأول وَقعت فتْنَة سَببهَا أَن عبدا للسَّيِّد حسن ابْن حمود بن عبد الله اخْتصم مَعَ رجل من عَسْكَر مصر عِنْد البزابيز بالمسعى فَضرب العسكري العَبْد وَأخذ سلاحه فَحِينَئِذٍ استحشم السَّيِّد حسن الْأَشْرَاف وَالْعَبْد العبيد فَاجْتمعُوا كلهم عِنْد السَّيِّد مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الله ثمَّ انقلبت شرذمة من العبيد نَحْو الْخمسين شاهرين السِّلَاح فوصلوا إِلَى الْمَرْوَة فهربت الأتراك وَأَرَادُوا الرُّجُوع فَرَمَاهُمْ بعض الأتراك الساكنين فِي الرّبع بالأحجار فأرادوا الطُّلُوع إِلَيْهِم فكسروا بعض الدكاكين الَّتِي تَحْتَهُ ظنا أَنَّهَا بَاب الرّبع فوجدوها ملآنة من النّحاس والأثاث فنهبوا جَمِيع ذَلِك وفعلوا بدكان أُخْرَى مثل ذَلِك وصوبوا نَحْو ثَلَاثَة من التّرْك بِالسِّلَاحِ وَقتلُوا آخر من المجاورين كَانَ يحتجم عِنْد حلاق بالمروة ثمَّ ذَهَبُوا ثمَّ تحزبت الأتراك وجاؤوا إِلَى القَاضِي وَأَرْسلُوا إِلَى الشريف يطْلبُونَ الْغُرَمَاء فصبروا فَلم يصبروا وَأتوا إِلَى بَيت الشريف وَبَيت السَّيِّد أَحْمد بن الْحَرْث وَكَانَ بِهِ جمَاعَة من عَسْكَر الشريف فَرَمَوْهُمْ من بَيت الْحَرْث فَقتلُوا من التّرْك اثْنَيْنِ أَيْضا فَرجع التّرْك حِينَئِذٍ وَأرْسل الشريف بَرَكَات إِلَى الْأَشْرَاف يطالبهم بالغرماء فامتنعوا وَخَرجُوا إِلَى الشَّيْخ مَحْمُود وَقَالُوا من يطْلب الْغُرَمَاء يأتنا وَخرج العبيد حَتَّى عبيد الشريف بَرَكَات وَعبيد حَاكم مَكَّة الْقَائِد أَحْمد بن جَوْهَر إِلَى بركَة

الصفحة 446