كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

ماجن ووحدوا جمَاعَة من الأتراك المجاورين مقيلين فَأخذُوا جَمِيع مَا مَعَهم وسلبوهم ونهبوا قَرِيبا من أَرْبَعمِائَة رَأس من الْغنم ثمَّ أرسل الشريف بَرَكَات أَخَاهُ عمر فردّ العبيد ثمَّ قصد الشريف تسكين الْفِتْنَة فَأمر بعبدين كَانَا محبوسين فِي سَرقَة أَن يشنقا فشنقا فَلم تطب نفوس الأتراك بذلك ثمَّ وجد السَّيِّد يحيى بن بَرَكَات وَكَانَ يعس الْبَلَد بِاللَّيْلِ عَبْدَيْنِ سارقين فَضرب عنقهما وَرمى بجثتهما تَحت جميزة المعلاة فَرضِي الأتراك حِينَئِذٍ واصطلح الْأَشْرَاف مَعَ الشريف ودخلوا إِلَى مَكَّة بأجمعهم وَوَقع بَينهم الِاتِّفَاق الَّذِي مَا شابه بعد وصمة واستقام الْأَمر وَفِي أَيَّامه فِي ثَانِي عشر ذِي الْحجَّة سنة تسع وَثَمَانِينَ وَألف وَقع سيل بِالْمَدِينَةِ خرب كثيرا من الدّور الَّتِي تحتهَا وَكَاد أَن يدخلهَا من بَاب الْمصْرِيّ وَاسْتمرّ خَمْسَة أَيَّام وَلم يهْلك من النَّاس إِلَّا شخص أَو شخصان وَفِي هَذِه السّنة حصل فِي قَرْيَة السَّلامَة وَمَا حولهَا من أَرض الطَّائِف برد شَدِيد لَهُ وَقع عَظِيم بِحَيْثُ صَار يضْرب بالصخور والأبواب كالبنادق غالبه كبيض الْحمام وَبَعضه كبيض الدَّجَاج قَالَ الشلي فِي تَارِيخه وَسمعت غير وَاحِد يَقُول وزنت وَاحِدَة فَكَانَت رطلا وَوَقع بعضه على قدر فخرقه وأتلف ثمار الْبَسَاتِين وجرح كثيرا من الْحَيَوَانَات وَبَعضهَا مَاتَ وَفِي ثَانِي عشري ذِي الْحجَّة من سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَقع بِمَكَّة سيل عَظِيم وسالت الأودية وَخَربَتْ مِنْهَا دوراً كَثِيرَة وأتلف أَمْوَالًا لَا تحصى وَأغْرقَ نَحْو ثلثمِائة نفس وَدخل الْمَسْجِد الْحَرَام وَعلا على مقَام إِبْرَاهِيم ومقام الْمَالِكِي والحنبلي وَعلا بَاب الْكَعْبَة وَكَانَ الركب الْمصْرِيّ إِذْ ذَاك فِي نفير السّير من مَكَّة فَأكْثر الغرقاء كَانُوا غرباء وَاسْتمرّ نَحْو عشْرين دَرَجَة ثمَّ سكن الْمَطَر وَعَاد مرّة أُخْرَى وَاسْتمرّ فِيهَا نَحْو الأولى ثمَّ سكن وَفِي أَيَّامه عمرت الخاصكية التكية الْمَعْرُوفَة الْآن بِمَكَّة بَين البزابيز وَالْمُدَّعى وَصرف عَلَيْهَا أَمْوَالًا كَثِيرَة وَقد وَقعت موقعها وَعم نَفعهَا وَكَانَت وَفَاته لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشر شهر ربيع الثَّانِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَألف بِمَكَّة وَكَانَت ولَايَته عشر سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَسِتَّة عشر يَوْمًا وَتَوَلَّى بعده وَلَده الشريف سعيد وَلم يخْتَلف فِيهِ اثْنَان من الْأَشْرَاف وَذَلِكَ أَنه بعد موت أَبِيه ذهب عَمه السَّيِّد عَمْرو فِي جمَاعَة من الْأَشْرَاف إِلَى القَاضِي وطلبوا مِنْهُ خلعة فَسَأَلَهُمْ هَل الْأَشْرَاف راضون فَقيل لَهُ نعم فَأتوا بهَا إِلَيْهِ فلبسها وَنُودِيَ فِي الْبِلَاد باسمه وَمَعَ الْمُنَادِي السَّيِّد الْحُسَيْن بن يحيى وَالسَّيِّد عبد الله بن هَاشم ثمَّ جهز الشريف وَصلى عَلَيْهِ ضحى إِمَامًا بِالنَّاسِ الشَّيْخ عبد الْوَاحِد الشيبي فاتح الْبَيْت

الصفحة 447