كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

الشَّيْخ يتَوَضَّأ فألهمها الله أَن شربت من غسالة رجلَيْهِ عِنْد الْوضُوء فشفيت بِإِذن الله وَسمعت أَيْضا وَاحِدًا من أَصْحَابنَا الصَّالِحين يذكر أَن الشَّيْخ كَانَ يَوْمًا جَالِسا فِي مَكَان يتَكَلَّم فِي المعارف والحقائق وَفِي أثْنَاء ذَلِك الْكَلَام يمزح مَعَ أَصْحَابه ويضحك فخطر لبَعْضهِم أَن مقَام المشيخة لَا يُنَاسب المزاح أَو نَحْو ذَلِك فَاطلع على خاطره وَقَالَ أَن المزاح من سنة سيد الْمُرْسلين فَإِنَّهُ كَانَ يمزح مَعَ أَصْحَابه وَلَا يَقُول إِلَّا حَقًا وَذكر قصَّة وُقُوع ابْن أم مَكْتُوم فِي حَضرته وَضحك الْأَصْحَاب فِي الصَّلَاة وَمِنْهَا أَن وَاحِدًا من المكاشفين كَانَ بشر بعض أَصْحَاب سَيِّدي الشَّيْخ بأَشْيَاء فَلَمَّا وصل إِلَى مَكَّة كَانَ مَعَ الشَّيْخ فخطر لَهُ أَن الْأُمُور الَّتِي كَانَ بشره بهَا ذَلِك المكاشف مَا ظَهرت أَسبَابهَا وَكَانَ يختلج فِي سره أَن لَيْسَ لقَوْل ذَلِك المكاشف أثر وَإِلَّا كَيفَ الْحَال ثمَّ توجه إِلَى نَحْو الشَّيْخ فَقَالَ لَهُ قبل أَن يظْهر شَيْئا أَن أحدا من أَوْلِيَاء الله لَو بشر أحدا بِشَيْء لَا بُد أَن يظْهر وَلَو بعد عشر سِنِين أَو اثْنَتَيْ عشرَة سنة ففهم وَحصل لَهُ السّكُون وَسمعت من الشَّيْخ أَنه خرج إِلَى سفر وَوصل إِلَى بَلْدَة وَكَانَ جَالِسا فِيهَا مَعَ أَصْحَابه بالمراقبة فَحَضَرَ فِي حلقته رجل لَا يعرفهُ فَقرب الرجل وَقبل يَده وَرجله وَقَالَ أَنِّي من الْجِنّ وَهَذَا مَكَان سكنانا وَأَنا بَعْدَمَا رَأينَا طريقتكم أحببناكم فَأُرِيد أَن آخذ مِنْكُم الطَّرِيق فلقنه الطَّرِيقَة النقشبندية وَكَانَ يحضر عِنْده فِي الْحلقَة وَكَانَ يرَاهُ وَلَا يرَاهُ أحد غَيره وَقَالَ للشَّيْخ كل وَقت أردتم أَن أحضر عنْدكُمْ فَاكْتُبُوا اسْمِي على ورقة وضعوها تَحت أَرْجُلكُم أحضر عنْدكُمْ تِلْكَ السَّاعَة وَسمعت أَيْضا مِنْهُ أَنه حِين سَافر إِلَى كشمير حضر عِنْده وَاحِد من الْجِنّ وَأخذ عَنهُ الطَّرِيقَة وَأَرَادَ أَن يعرض على الشَّيْخ كثيرا من خَواص النباتات فَلم يقبل الشَّيْخ مِنْهُ ذَلِك وَكَانَ يلازم صُحْبَة الشَّيْخ إِلَّا أَن الشَّيْخ قَالَ أَنه كَانَ يحصل لي النفرة من صحبته فَإِن الْجُزْء الناري غَالب على مزاجهم فَيحصل من صحبتهم الْأَوْصَاف الْغَيْر المرضية الَّتِي نشأت من الْجُزْء الناري من الْغَضَب وَالْكبر فَأَرَدْت أَن أفعل بِهِ حِيلَة تنفره مني فَسَأَلته أَن يزوجني بِوَاحِدَة مِنْهُم فَقَالَ إِن لي أُخْتا بديعة الْجمال عديمة الْمِثَال إِلَّا أَنِّي أعرض عَلَيْكُم أَولا حِكَايَة ثمَّ الرَّأْي رَأْيكُمْ فَإِن الألفة والأنس بَين الجني والإنسي متعسر فَإِن الْجِنّ يصدر مِنْهُم كَثِيره من الحركات الَّتِي لَا تعرف الانس حَقِيقَتهَا فَلَا يَسْتَطِيع الصَّبْر عَلَيْهَا قَالَ إِنَّه كَانَ هُنَا وَاحِد من الصَّالِحين زوجناه وَاحِدَة منا فولد لَهَا مِنْهُ ولد وَكَانَ يُوقد نَارا فرمت الجنية وَلَدهَا فِي النَّار فَصَبر الرجل

الصفحة 467