كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

(كم حلبة فِي الْبَحْث أظلم نقعها ... يمشي جواد الْفِكر فِيهَا الْقَهْقَرَى)

(آيَات فضلك مثل مجدك أحكمت ... وسنا سنائك نَفعه قد نورا)

(وجياد فكرك كالرياح كواعب ... وضيا كمالك نور قد أزهرا)

(من كنت أَنْت لَهُ ملاذا كَيفَ لَا ... يزهو بمدحك رفْعَة وتكبرا)

(فَاسْلَمْ وَدم فِي ظلّ عَيْش أرغد ... مَا اهتز غُصْن فِي الرياض ونورا)
وَكتب إِلَيْهِ فِي سنة ثَلَاثِينَ وَألف كتابا صورته
(الْيَوْم مثل الدَّهْر حَتَّى أرى ... وَجهك والساعة كالشهر)
إِن أبهى مَا تجملت بِهِ السطور والطروس وأشهى مَا استعذبته الألسن وطلبته النُّفُوس دُعَاء على ممر والدهور لَا يَنْقَضِي وابتهال بأكف الضراعة للإجابة مُقْتَضى أَن يديم على صفحات خدود الْوُجُود شامة دهرها وَوَاحِد وَقتهَا وعالم عصرها خَاتِمَة الْعلمَاء المتنوهين مَالك أزمة البراعة بفضله المتين شيخ الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين المستجمع لمكارم الْأَخْلَاق والشيم وَالْمُنْفَرد بمزاياها عِنْد الْخلق والأمم المشتهر عِنْد الْعَرَب والعجم بِأَنَّهُ ملك من الْعلم زمامه وَجعل العكوف عَلَيْهِ لزامه فانقاد إِلَيْهِ انقياد الْجواد وَجرى فِي ميدانه بِحسن السَّبق والفكر الْوَقَّاد عَالم الغرب والشرق ومزيل مَا تعَارض من الْمسَائِل بِحسن الحمع وَالْفرق الْجَامِع بَين رياستي الْعلم وَالْعَمَل وَالْمَانِع بإخلاص السريرة من لُحُوق عوارض الْعِلَل كنز الْعُلُوم والكشف بَحر الْهِدَايَة الَّذِي ارتوى مِنْهُ بالعب والرشف صرد الشَّرِيعَة الغرا وَشَيخ حرم الله بالإفتاء والأقرا من لَا يُمكن حصر وَصفه بالتفصيل فَإِن الْأَطْنَاب فِيهِ طَوِيل وَإِنَّمَا أُحِيل على مَا قيل
(أَنْت الَّذِي يقف الثَّنَاء بسوقه ... وَجرى الندى بعروقه قبل الدَّم)
فَالله سُبْحَانَهُ يمتع الْمُسلمين بِهَذِهِ الْأَخْلَاق ويديم فخار أهل الْجُود بِبَقَاء صَاحب هَذَا الِاسْتِحْقَاق وَلَا زَالَ مَذْهَب النُّعْمَان متحليا بعقوده متوشحا بطارفه وبروده هَذَا وَإِن الْتفت خاطره لتذكار ودوده والمخلص فِي دُعَائِهِ حَال رُكُوعه وَسُجُوده فَهُوَ بِخَير وعافية ونعمة وافرة وافيه نرجو من الله دوامها بدوام دعائكم إِذْ لَا شكّ أَنا من جملَة منسوبيكم وأنسابكم فَإنَّك الأَصْل فِي زكاء هَذَا الْفَرْع ونموه وَالسَّبَب الدَّاعِي إِلَى اعتلائه وسموه بامور يشْهد بهَا الخاطر فَتشهد بِالْإِقْرَارِ بنعم الله فِي الْبَاطِن وَالظَّاهِر غير أَن الخاطر كُله عنْدكُمْ وَفِي التألم لبعدكم وَمَا حصل لَهُ الْعَام من فقدكم

الصفحة 472