كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

سِتّ وَثَلَاثِينَ وَالله تَعَالَى أعلم أَي الْقَوْلَيْنِ الصَّوَاب
القَاضِي تَقِيّ الدّين بن مُحَمَّد الدِّمَشْقِي الصَّالِحِي الْمَعْرُوف بِالْقَاضِي التقى أصل وَالِده من مَدِينَة حمص وَولد هُوَ وَنَشَأ بصالحية دمشق وَكَانَ من ذَوي المروآت والفضائل كَامِل الإداة سخي النَّفس دمث الْأَخْلَاق حسن المطارحة لَهُ حسن أدب ومداراة لزم فِي مبدأ أمره أَبَا الْبَقَاء الصَّالِحِي الْمُقدم ذكره ثمَّ صَار من طلبة حسام الدّين مفتي الْحَنَفِيَّة بِدِمَشْق وسافر إِلَى الْحَج فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَألف وَلم يَتَيَسَّر لَهُ الْحَج بل أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ المنورة ثمَّ صَار شيخ الطَّعَام بالعمارة السُّلْطَانِيَّة السليمانية وَكَانَ لَهُ خدمَة بالسليمية أَيْضا وَكَانَ يتَرَدَّد إِلَى الْأَعْيَان ويتعهدهم بالهدية وَولي النِّيَابَة بالصالحية زَمَانا طَويلا ثمَّ سلك طَرِيق عُلَمَاء الرّوم ولازم ودرس بِأَرْبَعِينَ عثمانيا على قاعدتهم وَحج فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين ثمَّ ولي قَضَاء الركب الشَّامي وَسَار إِلَى الْحَج فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَصَارَ قسام الْعَسْكَر بِدِمَشْق وناب فِي الْقَضَاء بمحكمة الْبَاب وبالمحكمة الْكُبْرَى والميدان وَصَارَ محاسب الْأَوْقَاف وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ كَانَ من أَعْيَان أهل عصره وَكَانَت وِلَادَته فِي سنة سبع بعد الْألف وَتُوفِّي نَهَار الْأَرْبَعَاء ثامن شهر ربيع الأول سنة تسع وَخمسين وَألف وَدفن بسفح قاسيون وَكَانَ سَبَب مَوته التُّخمَة صَحبه قَاضِي دمشق الْمولى مصطفى بن جشمي قبل مَوته بِيَوْم إِلَى المنتزه الْمَعْرُوف بالسهرابية بالشرف القبلي من الْوَادي الْأَخْضَر فثقل من الطَّعَام وَفِي غَد ذَلِك الْيَوْم دخل إِلَى حمام الْمُقدم بالصالحية فَمَاتَ فِي دَاخله رَحمَه الله تَعَالَى
تَقِيّ الدّين بن يحيى بن اسماعيل بن عبد الرَّحْمَن بن مصطفى السنجاري الْمَكِّيّ الْحَنَفِيّ الْفَاضِل الأديب النَّبِيل النبيه تَرْجَمَة السَّيِّد عَليّ بن مَعْصُوم فِي سلافته فَقَالَ فِي وَصفه أديب قَامَ بِهِ أدبه المكتسب إِذْ قعد بِهِ موروث الْحسب وَالنّسب فَهُوَ ابْن نَفسه العصامية إِذْ عدت الْآبَاء والجدود والمنشد لِسَان حَاله عِنْد افتخار السَّيِّد على المسود
(مَا بقومي شرفت بل شرفوا بِي ... وبنفسي فخرت لَا بجدودي)
سمع قَول بعض الأدباء
(كن ابْن من شِئْت واكتسب أدبا ... يُغْنِيك مرورثه عَن الْحسب)
فأجهد نَفسه فِي تَحْصِيل الْأَدَب واكتسابه وغنى عَن شرف النّسَب بانتمائه إِلَيْهِ

الصفحة 475