كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

لَا يَجِيء مَا نرضاه وَمَا نرضاه لَا يحيء وَله أَيْضا
(إِذا أَكثر العَبْد الذُّنُوب وَلم يكن ... لَهُ شَافِع من حسنه يُوجب العذرا)

(وأبصرت مَعَ مَوْلَاهُ الذَّنب ممهلا ... عَلَيْهِ فحقق أَن بَينهمَا أمرا)
وَله
(وَإِذا أَسَاءَ إِلَيْك خَادِم سيد ... وَأقرهُ فارحل وَلَا تتَوَقَّف)

(وَاعْلَم بأنك قد ثقلت وَأَنه ... أَعْطَاك إِذْنا بالرحيل فَخفف)
وَله
(لنا صديق لَهُ بالغانيات هوى ... وابره لَا يزَال الدَّهْر طراقا)

(كَأَنَّمَا هُوَ حرباء الهجير ضحى ... لَا يُرْسل السَّاق لَا ممسكا ساقا)
وَقد سبقه لهَذَا ابْن الْأَنْبَارِي الْمصْرِيّ فَقَالَ
(لَا يشغلنك شَيْء فِي زَمَانك عَن ... وصل الملاح وحاذر كل مَا عاقا)

(وَكن كَمَا قيل فِي الحرباء من فطن ... لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكا ساقا)
وَهُوَ تضمين من قَول بعض شعراء الْجَاهِلِيَّة
(إِنِّي يتيح لَهُ حرباء تنضبة ... لَا يُرْسل السَّاق إِلَّا ممسكا ساقا)
والساق فِيهِ غُصْن الشَّجَرَة وَمن الْإِنْسَان مَعْرُوف وَبِه قَامَت التورية وضربه بعض الْعَرَب مثلا بألد الْخِصَام الَّذِي كلما انْقَضتْ حجَّة أَقَامَ لَهُ أُخْرَى والحرباء دويبة تسمى أم حبيرة تتلون ألوانا مَعَ الشَّمْس وتكنى أباقرة وَيُقَال حرباء تنضب كَمَا يُقَال ذِئْب غضا وَهُوَ شجر تتَّخذ مِنْهُ السِّهَام جمع تنضبة ويف الْمثل أحزم من حرباء لِأَنَّهُ مَعَ تقلبه مَعَ الشَّمْس لَا يُرْسل يَده من غُصْن حَتَّى يمسك آخر وَهُوَ الَّذِي عناه الشَّاعِر وضربه ابْن الرُّومِي مثلا للقبح فِي كَثْرَة التقلب انْتهى وَكَانَت وَفَاة التَّمِيمِي بِمصْر يَوْم السبت خَامِس جُمَادَى الْآخِرَة سنة عشر وَألف وَهُوَ فِي سنّ الكهولة رَحمَه الله تَعَالَى
المنلا توفيق بن مُحَمَّد الكيلاني نزيل قسطنطينية وَأحد الْمُحَقِّقين الْمَشْهُورين بِالْفَضْلِ الباهر والحذق التَّام والمعرفة فِي الْفُنُون الغربية كالحكميات والإلهيات والرياضيات حصل ودأب ببلاده ثمَّ قدم إِلَى آمد وَأقَام بهَا مُدَّة يدرس ويفيد فِي الْعُلُوم وَكَانَ إِذْ ذَاك المنلا عماد الْآمِدِيّ بهَا وَكَانَ يَقع بَينهمَا مناظرات ومحاورات وَلما ولي حسن باشا بن مُحَمَّد باشا حُكُومَة الشَّام سَافر فِي صحبته إِلَيْهَا وَأَقَامَا بهَا مُدَّة ثمَّ رَحل المنلا توفيق إِلَى الرّوم وانحاز إِلَى الْمولى سعد الدّين بن حسن جَان معلم السُّلْطَان فعينه معلما لأولاده واتخذه نديما ومصاحبا وبسببه طَنَّتْ صحاة فَضله واشتهر وَأعْطى مدرسة حرزي قَاسم باشا الَّتِي بِأَيُّوب على طَرِيق التقاعد

الصفحة 480