كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

مفتي الْقُدس رَحمَه الله تَعَالَى
جَعْفَر الصادقبن بن عَليّ بن زين العابدين بن عبد الله بن شيخ بن عبيد الله بن شيخ ابْن الشَّيْخ عبد الله العيدروس اليمني الشَّافِعِي الشريف الْفَائِق الْأَجَل الْمولى الْعلي الْقدر ولد بِمَدِينَة تريم وَصَحب أَبَاهُ ولازمه مُدَّة فِي فنون عديدة وَحفظ الْقُرْآن وجوده وَحفظ الْإِرْشَاد والمحلة والقطر وَغَيرهَا وَأخذ عَن ابْن عَمه عبد الرَّحْمَن السقاف ابْن مُحَمَّد العيدروس وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن بن شهَاب وَالشَّيْخ زين بن حُسَيْن بَافضل وَأبي بكر الشلي باعلوي وبرع فِي التَّفْسِير وَالْفِقْه والْحَدِيث والتصوف والعربية والحساب والفلك والفرائض وَكَانَ ناضر الْعَيْش رخى البال وأتحفه الله بِحسن الْفَهم وجمال الصُّورَة وَكَمَال الْخلقَة ورزقه قبولا تَاما وَكَانَ بيغا فِي نظمه وإنشائه ثمَّ حج وَأخذ بالحرمين عَن جمَاعَة ثمَّ عَاد إِلَى تريم وَلم يدْخل إِلَى بلد إِلَّا وأكرمه واليها غَايَة الْإِكْرَام وَلما قرب من تريم خرج النَّاس للقائه وَدخل فِي جَمِيع لم يتَّفق لأحد من أهل بَيته وَكَثُرت مزاحمة الرِّجَال وأرباب الدفوف والشبابات بَين يَدَيْهِ والمداح تمدحه وَتثني عَلَيْهِ وَسبب ذَلِك أَن أَبَاهُ كَانَ مُتَوَلِّيًا أَمر الإشراف وَكَانَ لَهُ إِلَيْهِ محبَّة زَائِدَة وَأقَام بتريم مُدَّة ثمَّ رَحل إِلَى الْهِنْد لطلب الْعُلُوم الْعَقْلِيَّة فَدخل بندر سورت للأخذ عَن عَمه الشريف مُحَمَّد ثمَّ قصد إقليم الدكن فاتصل ثمَّة بالوزير الْأَعْظَم الْملك عنبر فنظمه فِي سلك ندمائه وناظر الْعلمَاء بِحَضْرَتِهِ فَظهر عيهم ثمَّ تصدر للتدريس واعتنى بِلِسَان الْفرس فحصله فِي مُدَّة يسيرَة وَلما رأى بعض الْعَجم العقد النَّبَوِيّ لجده الامام شيخ بن عبد الله طلب مِنْهُ أَن يترجمه لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ فترجمه بِأَحْسَن عبارَة وَلم يزل حَتَّى مَاتَ الْملك عنبر وأقيم وَلَده فتخ خَان مقَامه فَزَاد فِي إجلال صَاحب التَّرْجَمَة إِلَى أَن قدر الله تَعَالَى على تِلْكَ الدولة مَا قدر من نفادها وتشتت أَرْبَابهَا فَعَاد الصَّادِق إِلَى بندر سورت وَقرر على مَا كَانَ عَلَيْهِ عَمه مُحَمَّد العيدروس من الْمَعْلُوم والغلال وزادوه كثيرا من الْأَرَاضِي فَكَانَ ينفقها على الْوَارِد وَألقى بالبندر عَصَاهُ واشتهر أمره وطنت حصاته وَكَانَ لَهُ من الْولَايَة نصيب وافر وَله كرامات ومكاشفات مِنْهَا مَا حدث بِهِ بعض الثِّقَات من أهل مَكَّة قَالَ أردْت السّفر لى وطني وَأَنا ببندر سورت فَدخلت عَلَيْهِ أودعهُ وأسأله الدُّعَاء بالوصول إِلَيْهَا سالما فَقَالَ لي تسْعَى بَين الصَّفَا والمروة فِي الْيَوْم الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ من هَذَا الْيَوْم قَالَ فَلَمَّا وصلتها بَيْنَمَا أَنا أسعى إِذْ سَأَلَني رجل عَن السَّيِّد الْمَذْكُور فتذكرت قَوْله لي وحسبت الْأَيَّام

الصفحة 482