كتاب خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (اسم الجزء: 1)

الْمَذْكُورَة وَكَانَ فَقِيها شَدِيد الْوَرع وَكَانَ يتَرَدَّد فِي السُّكْنَى بَين مدرستين فيسكن فِي الشتَاء بِالْمَدْرَسَةِ العادلية الْمُقَابلَة للظاهرية وَفِي الصَّيف بِالْمَدْرَسَةِ الجمالية بسفح قاسيون وطالت مدَّته وَهُوَ يُفْتِي إِلَى أَن مَاتَ نَهَار الْإِثْنَيْنِ ثامن رَجَب سنة خمس وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة وَخَلفه ابْنه أدهم فدرس بالعادلية وَكَانَ صَالحا غير متكلف يلْبسهُ ومعيشته على أسلوب التركمان واتصل بالوزير الإعظم سِنَان باشا وَصَارَ لَهُ معلما ونال مِنْهُ خيرا كثيرا وَله مَعَه مكاشفات ووقائع سَيَأْتِي مِنْهَا شَيْء فِي تَرْجَمَة سِنَان باشا وَكَانَ بعد وَفَاته ولي سِنَان باشا حُكُومَة الشَّام بعد الوزارة الْعُظْمَى فصير ابْنه جلالا مُعْتَمدًا على جَامعه الَّذِي عمره خَارج بَاب الْجَابِيَة فاقتنى من ذَلِك أملاكا عَظِيمَة وأموالا جزيلا وَبنى بَيْتا خلف حمام العقيقي كَانَ حَماما مَوْقُوفا على أَمَاكِن كَثِيرَة مِنْهَا حِصَّة مَوْقُوفَة على أَئِمَّة الْجَامِع الْأمَوِي وَلم يهنأ عيشه بِهِ وَلَا اطْمَأَن خاطره فِيهِ وَبنى بالصالحية بَيْتا وقصرا وغرس بستانا لطيفا على نهر يزِيد قلت وَهُوَ الْقصر الْمَعْرُوف الْآن ببني عماد الدّين وَكَانَ جلال فَاضلا حسن الْعشْرَة وقصة توليهه بمملوكه مستفيضة وافتتانه فِيهِ شهيرة وَقد ذكرهَا البوريني فِي تَرْجَمته فَلَا حَاجَة بِنَا إِلَى إيرادها وَكَانَت وَفَاته نَهَار الْأَحَد ثامن رَجَب سنة إِحْدَى عشرَة بعد الْألف وَدفن بمقبرة بَاب الصَّغِير رَحمَه الله تَعَالَى
الشَّيْخ جمال الدّين بن شمس الدّين مُحَمَّد الْمَشْهُور وَالِده بالعجمي الْقُدسِي الْوَاعِظ وَهُوَ وَالِد عبد الْغفار مفتي الْقُدس وأخيه الْحَافِظ القَاضِي الشَّاعِر الْآتِي ذكرهمَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى كَانَ وَالِده مُحَمَّد رجلا واعظا ذكيا حضر مَعَ السُّلْطَان سُلَيْمَان بن عُثْمَان فتح رودس وَحصل لَهُ مِنْهُ إكرام ثمَّ قدم الْقُدس وَاسْتمرّ بهَا يعظ النَّاس إِلَى أَن توفّي وَدفن بماملا بقبته الَّتِي أَنْشَأَهَا بجوار البسطامية شمَالي الكبكبية وَلم تكمل الْقبَّة بل مَاتَ قبل إكمالها وَنَشَأ وَلَده جمال الدّين هَذَا ورحل إِلَى مصر وَصَحب الزين المرصفي ثمَّ عَاد إِلَى الْقُدس فِي حُدُود سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَتِسْعمِائَة تَقْرِيبًا وَلزِمَ شيخ الصلاحية الشَّيْخ عفيف الدّين بن جمَاعَة ثمَّ تقرر فِي قِرَاءَة المولد والمعراج بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى عَن الشَّيْخ أبي الْفَتْح بن فتيَان إِمَام الصَّخْرَة ثمَّ قرر فِي تدريس دَار الحَدِيث الَّتِي تجاه دَار الْقُرْآن السلامية وَشر فِي الْمدرسَة الظافرية وَكَانَت متهدمة فعمر بهَا عمَارَة وَجمع مجموعا لَهُ فِي الْوَعْظ رَأَيْت بِخَط الإِمَام الْمُحدث الشَّمْس مُحَمَّد الدَّاودِيّ الْمَقْدِسِي ثمَّ الدِّمَشْقِي فِي أوراق كتب فِيهَا تراجم

الصفحة 489