كتاب مسند أحمد - الميمنية تصوير عالم الكتب (اسم الجزء: 1)

أَلا لاَ تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ ، قَالَ : فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللهِ كَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ ، وَلا أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُبْتَلَى بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ - وَقَالَ مَرَّةً : وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ - حَتَّى تَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ ، وَحَتَّى يَقُولَ كَلِفْتُ إِلَيْكِ عَلَقَ الْقِرْبَةِ ، قَالَ : وَكُنْتُ غُلامًا عَرَبِيًّا ، مُوَلَّدًا لَمْ أَدْرِ مَا عَلَقُ الْقِرْبَةِ.
قَالَ : وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ أَوْ َمَاتَ ، قُتِلَ فُلانٌ شَهِيدًا وَمَاتَ فُلانٌ شَهِيدًا ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا ، يَلْتَمِسُ التِّجَارَةَ لاَ تَقُولُوا ذَاكُمْ ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ النَّبِيُّ ، أَوْ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ.
286- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ سَعِيدٌ ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي فِرَاسٍ ، قَالَ : خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلاَ إِنَّا إِنَّمَا كُنَّا نَعْرِفُكُمْ إِذْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِذْ يَنْزِلُ الْوَحْيُ ، وَإِذْ يُنْبِئُنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ ، أَلاَ وَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ انْطَلَقَ وَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ ، وَإِنَّمَا نَعْرِفُكُمْ بِمَا نَقُولُ لَكُمْ ، مَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ خَيْرًا ظَنَنَّا بِهِ خَيْرًا وَأَحْبَبْنَاهُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ أَظْهَرَ مِنْكُمْ لَنَا شَرًّا ظَنَنَّا بِهِ شَرًّا وَأَبْغَضْنَاهُ عَلَيْهِ ، سَرَائِرُكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ ، أَلا إِنَّهُ قَدْ أَتَى عَلَيَّ حِينٌ وَأَنَا أَحْسِبُ أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يُرِيدُ اللَّهَ وَمَا عِنْدَهُ ، فَقَدْ خُيِّلَ إِلَيَّ بِآخِرَةٍ ، أَلا إِنَّ رِجَالاً قَدْ قَرَؤُوهُ يُرِيدُونَ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ ، فَأَرِيدُوا اللَّهَ بِقِرَاءَتِكُمْ ، وَأَرِيدُوهُ بِأَعْمَالِكُمْ ، أَلا إِنِّي وَاللَّهِ مَا أُرْسِلُ عُمَّالِي إِلَيْكُمْ لِيَضْرِبُوا أَبْشَارَكُمْ ، وَلا لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَكُمْ ، وَلَكِنْ أُرْسِلُهُمْ إِلَيْكُمْ لِيُعَلِّمُوكُمْ دِينَكُمْ وَسُنَّتَكُمْ ، فَمَنْ فُعِلَ بِهِ شَيْءٌ سِوَى ذَلِكَ فَلْيَرْفَعْهُ إِلَيَّ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِذَنْ لأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ ، فَوَثَبَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَعِيَّةٍ ، فَأَدَّبَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ ، أَئِنَّكَ لَمُقْتَصُّهُ مِنْهُ ؟ قَالَ : إِي وَالَّذِي نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ ، إِذَا لأُقِصَّنَّهُ مِنْهُ ، أني لأُ أقِصَّنَّهُ مِنْهُ ، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِصُّ مِنْ نَفْسِهِ ، ألا لاَ تَضْرِبُوا الْمُسْلِمِينَ فَتُذِلُّوهُمْ ، وَلا تُجَمِّرُوهُمْ فَتَفْتِنُوهُمْ ، وَلا تَمْنَعُوهُمْ حُقُوقَهُمْ فَتُكَفِّرُوهُمْ ، وَلا تُنْزِلُوهُمُ الْغِيَاضَ فَتُضَيِّعُوهُمْ.
287- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - مَرَّةً أُخْرَى - أَخْبَرَنَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ : نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ ، قَالَ : سَمِعْتُ عُمَرَ ، يَقُولُ : أَلا لاَ تُغْلُوا صُدُقَ النِّسَاءِ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - قَالَ إِسْمَاعِيلُ : وَذَكَرَ أَيُّوبُ ، وَهِشَامٌ ، وَابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ ، عَنْ عُمَرَ ، نَحْوًا مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ ، إِلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا : لَمْ يَقُلْ مُحَمَّدٌ : نُبِّئْتُ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ.
288- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ جَنَازَةَ أُمِّ أَبَانَ ابْنَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُودُهُ قَائِدُهُ ، قَالَ : فَأُرَاهُ أَخْبَرَهُ بِمَكَانِ ابْنِ عُمَرَ ، فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي ، وَكُنْتُ بَيْنَهُمَا فَإِذَا صَوْتٌ مِنَ الدَّارِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ فَأَرْسَلَهَا عَبْدُ اللهِ مُرْسَلَةً.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : كُنَّا مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ نَازِلٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ ، فَقَالَ لِي : انْطَلِقْ فَاعْلَمْ مَنْ ذَاكَ ، فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا هُوَ صُهَيْبٌ ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ : إِنَّكَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَعْلَمَ لَكَ مَنْ ذَاكَ وَإِنَّهُ صُهَيْبٌ ، فَقَالَ : مُرُوهُ فَلْيَلْحَقْ بِنَا ، فَقُلْتُ : إِنَّ مَعَهُ أَهْلَهُ ، قَالَ : وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَهْلُهُ - وَرُبَّمَا قَالَ أَيُّوبُ مَرَّةً : فَلْيَلْحَقْ بِنَا - فَلَمَّا بَلَغْنَا الْمَدِينَةَ لَمْ يَلْبَثْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ أُصِيبَ ، فَجَاءَ صُهَيْبٌ فَقَالَ : وَا أَخَاهُ وَا صَاحِبَاهُ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَلَمْ تَعْلَمْ أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبَعْضِ بُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ ، فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ فَأَرْسَلَهَا مُرْسَلَةً ، وَأَمَّا عُمَرُ فَقَالَ : بِبَعْضِ بُكَاءِ.
فَأَتَيْتُ عَائِشَةَ ، فَذَكَرْتُ لَهَا قَوْلَ عُمَرَ ، فَقَالَتْ : لاَ وَاللَّهِ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَحَدٍ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ الْكَافِرَ لَيَزِيدُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَذَابًا ، وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} قَالَ أَيُّوبُ : وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِمُ ، قَالَ : لَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ ، قَالَتْ : إِنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونِي عَنْ غَيْرِ كَاذِبَيْنِ ، وَلا مُكَذَّبَيْنِ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ.

الصفحة 41