كتاب طيبة وذكريات الأحبة (اسم الجزء: 1)

166…
طلبنا باب مولانا كريما ليس ينسانا
وصدَّقنا بما جانا والصادق رسول الله (1)
هذه الكلمات تؤديها بنات الكتَّاب بلحن جميل عند خروجهن يوميا من الكتَّاب قلت للشيخ جعفر قيل إن حريق القشلة أو قلعة باب الشامي حدث في عام 1338هـ فهل هذا صحيح؟
قال نعم ثورة القلعة (2) هو أحد الأيام العصبية التي مرت على أهل المدينة وخاصة الأهالي القاطنين جوار القلعة وهذا اليوم لا أنساه ولو سألت من هم في سني يذكرون لك مرارة الأيام التي ثارت فيها القلعة خاصة ونحن نستقبل شهر الحج فأول انفجار حدث في آخر يوم من شهر ذي القعدة وكان يومها أول أيام الأسبوع فيما بين الساعة التاسعة والتاسعة والنصف من بعد ظهر ذلك اليوم ((بالتوقيت الغروبي)) ويوافق الساعة 4.30 عصراً في هذا الوقت فوجىء أهل المدينة بصوت انفجار هائل افزع المدينة فاكتظت الرواشين بالنساء والأطفال والشيوخ ثم بدأ السكان عند زيادة ومواصلة الانفجاريات بمغادرتها منازلهم واقصد بهؤلاء من كانت منازلهم بعيدة عن القلعة وتوجهوا إلى خارج الأسوار تجاه العيون وباب العنبرية ومنهم من اتجه إلى داخل الحرم النبوي الشريف - واذكر ان بعضا من رواشين المنازل في الحماطة وأول الساحة سقط من شدة الانفجار.
اما الدور التي كانت بجانب القلعة فقد واجه اهلها الدمار الكامل فقد تعرض سكان حوش العبد وحوش سرقان أو زرقان الذي تحول اسمه إلى حوش السلام.
إضافة إلى منازل التي في واجهة زقاق جعفر وقد تعرض العديد منهم إلى الموت او الحبس تحت الانقاض وقد دمرت دار باب ناصر ودار لبيت الحكيم وبيت المفتي وبيت السقَّاف - كما تعرضت البيوت التي في المناخة من طرق مدخل زقاق الطيار الخارجي الشمالي وحتى ما بعد حوش كرباش إلى بعض التهدمات.
وكان اليوم الأول أشد الأيام ضرواة وقسوة ومن المصادفات العجبية أن تثور القلعة مرة ثانية وتقريباً في نفس الموعد التالي أول أيام شهر الحج ولكنها كانت في قوتها أخف من اليوم وبعد هدوء اليوم الأول والثاني نفاجأ في الثاني من ذي الحجة بصوت الانفجار مرة أخرى ولقلة الخبرة في مواجهة كل هذه الامور فقد ظلت الأدخنة تتصاعد حيث كان الخوف من الاقتراب من مصدر الانفجار أدى إلى استمرار الحريق لمدة ثلاثة ايام…
__________
(1) عن الشيخ أمين مرشد.
(2) العهود الثلاثة - محمد حسين زيدان.

الصفحة 166