كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

بمستدرك من كل وَجه (وَلم يوردوه) أَي كلا مِنْهَا (لذَلِك) أَي لبَيَان ذَلِك الِاسْم الْخَاص بل لأجل البصيرة.
(الثَّالِث) من الْأُمُور الَّتِي هِيَ مُقَدّمَة الْكتاب (الْمُقدمَات المنطقية) سميت بهَا لكَونهَا من مسَائِل الْمنطق (مبَاحث النّظر) عطف بَيَان للمقدمات (وَتَسْمِيَة جمع) من الْأُصُولِيِّينَ كالآمدي وَمن تبعه (لَهَا) أَي للمقدمات المنطقية، أَو مبَاحث النّظر (مبادي كلامية بعيد) لِأَنَّهَا لَيست من الْكَلَام وَلَا كَونهَا مبادي يقْتَصر عَلَيْهِ (بل الْكَلَام فِيهَا كَغَيْرِهِ) من الْعُلُوم (لِاسْتِوَاء نسبتها إِلَى كل الْعُلُوم وَهُوَ) أَي وَجه الاسْتوَاء (أَنه) أَي الشَّأْن (لما كَانَ الْبَحْث ذاتيا للعلوم) أَي دَاخِلا فِي حَقِيقَتهَا (وَهُوَ) أَي الْبَحْث (الْحمل) أَي إِثْبَات شَيْء لشَيْء (بِالدَّلِيلِ) لِأَن حَقِيقَتهَا التصديقات المدللة وَالْإِثْبَات جُزْء مِنْهَا (وَصِحَّته) أَي الدَّلِيل (بِصِحَّة النّظر وفساده بِهِ) أَي بِفساد النّظر، والجمل مُعْتَرضَة بَين لما وجوابها: أَعنِي قَوْله (وَجب التَّمْيِيز) بَين صَحِيحه وفاسده بِبَيَان شَرَائِط صِحَّته من حَيْثُ الْمَادَّة وَالصُّورَة بالقوانين الْمَوْضُوعَة لذَلِك كَمَا سَيَجِيءُ (ليعلم) بالتمييز بَينهمَا (خطأ المطالب) الْمَقْصُودَة من الْأَدِلَّة الْقَائِمَة على الأبحاث الْمَذْكُورَة فِي الْعُلُوم (وصوابها) الْخَطَأ وَالصَّوَاب إِنَّمَا يستعملان فِي الْأَحْكَام العملية كَمَا أَن الْحق وَالْبَاطِل يستعملان فِي العقائد، وَلَكِن المُرَاد مِنْهُمَا هَهُنَا مَا هُوَ أَعم (وَلَيْسَ فِي الْأُصُول من) مسَائِل (الْكَلَام إِلَّا مَسْأَلَة الْحَاكِم) وَهِي أَن الْحَاكِم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة كلهَا هُوَ الله سُبْحَانَهُ بِلَا خلاف، لَكِن هَل يتَعَلَّق لَهُ تَعَالَى حكم قبل الْبعْثَة وبلوغ الدعْوَة أم لَا، الأشعرية لَا، فَلَا يحرم كفر، وَلَا يجب إِيمَان قبلهَا، والمعتزلة نعم فِيمَا أدْرك الْعقل فِيهَا حسنا أَو قبحا (وَمَا يتَعَلَّق بهَا) بِمَسْأَلَة الْحَاكِم (من) مَسْأَلَة (الْحسن والقبح) هَل هما عقليان أم لَا (وَنَحْوه) أَي الْمَذْكُور، قيل كَمَسْأَلَة الْمُجْتَهد يُخطئ ويصيب، وَمَسْأَلَة خلو الزَّمَان عَن مُجْتَهد (وَهَذِه) أَي الْمَذْكُورَات (من الْمُقدمَات) لهَذَا الْعلم لَا من مسَائِله (يتَوَقَّف عَلَيْهَا زِيَادَة بَصِيرَة) فِي معرفَة بعض مقاصده وَلَيْسَت بمقدمة الشُّرُوع لعدم مدخليتها فِي أَكثر الْمَقَاصِد، وَلِهَذَا لم يوردوها قبل الشُّرُوع (وَتَصِح) أَن تكون (مبادي على) اصْطِلَاح (الْأُصُولِيِّينَ) قَالَ الْآمِدِيّ فِي الْأَحْكَام: اعْلَم أَن مبادي كل علم هِيَ التصورات والتصديقات الْمسلمَة فِي ذَلِك الْعلم، وَهِي غير مبرهنة فِيهِ لبِنَاء مسَائِل ذَلِك الْعلم عَلَيْهَا سَوَاء كَانَت مسلمة فِي نَفسهَا كمبادي الْعلم الْأَعْلَى، أَو غير مسلمة فِي نَفسهَا، بل مَقْبُولَة على سَبِيل المصادرة أَو الْوَضع على أَن تبرهن فِي علم أَعلَى من ذَلِك الْعلم انْتهى، وَلَا يخفى عَلَيْك أَن الْمسَائِل الْمَذْكُورَة مبرهنة فِي الْأُصُول فَلَا تكون من المبادي على مَا ذكره الْآمِدِيّ، نعم ذكر غَيره أَنَّهَا قد تطلق على مَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ الشُّرُوع والبحث عَن مسَائِله بوسط أَو بِغَيْرِهِ وَلم يشْتَرط فِيهَا أَلا تكون

الصفحة 24