كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

هُوَ الْإِيجَاب بِغَيْر وَاسِطَة، فَيحمل عَلَيْهِ فَلَا نقض حِينَئِذٍ قلت مُرَاده الْوَجْه الْأَحْسَن أَنه تَمْيِيز لِأَنَّهُ غير مُحْتَاج إِلَى التَّأْوِيل وَاعْلَم أَن ابْن الْحَاجِب عرف الْعلم بِمَا يعم التَّصَوُّر وَذكر مباحثه وَالْمُصَنّف رَحمَه الله اقْتصر على مَا هُوَ الأهم فِي الْأُصُول وَتركهَا لقلَّة الِاحْتِيَاج إِلَيْهَا لِأَن الْمَقْصُود مِنْهُ بَيَان طرق الِاسْتِدْلَال بالأدلة الشَّرْعِيَّة على الْأَحْكَام، لَا طرق التَّعْرِيف بالمعرفات وَلما وَقع التَّعَرُّض للتصور، وَمِنْه الْحَد، وَقد ذكرُوا أَنه لَا يكْتَسب بالبرهان وَلَا يُعَارض وَلَا يمْنَع أَشَارَ إِلَى مَا يُفِيد هَذِه الْأَحْكَام، فَقَالَ (وَلَا دَلِيل) يُقَام (إِلَّا على نِسْبَة) إيجابية أَو سلبية، وَلَا نِسْبَة فِي تعقل حَقِيقَة الْحَد، فَلَا يُقَام عَلَيْهِ وَلَا يكْتَسب بِهِ (وَكَذَا الْمُعَارضَة) لِأَنَّهَا إِقَامَة الدَّلِيل على خلاف مَا أَقَامَ عَلَيْهِ الْخصم، وَكَذَا الْمَنْع، لِأَنَّهُ طلب الدَّلِيل على مُقَدّمَة الدَّلِيل (وَذَلِكَ) أَي إِقَامَة الدَّلِيل والمعارضة إِنَّمَا تكون (عِنْد ادعائها) أَي الصُّور التصورية (صُورَة كَذَا) ثَانِي مفعولي الادعاء (كصور الْحُدُود) أَي كادعاء صور الْحُدُود صور محدوداتها كَمَا إِذا ادعيت أَن الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الْعقل من الْحَيَوَان النَّاطِق صُورَة الْإِنْسَان (وَحِينَئِذٍ) أَي حِين يدعى ذَلِك فِي الْحُدُود (تقبل) صور الْحُدُود بِسَبَب انضمام الحكم الْمَذْكُور إِلَيْهَا (الْمَنْع) إِمَّا حَقِيقَة إِن أقيم عَلَيْهِ دَلِيل، وَإِمَّا مجَازًا إِن لم يقم (وَيدْفَع) الْمَنْع (فِي) الْحَد (الأسمى) وَهُوَ على مَا مر بَيَانه مَا وضع الِاسْم بإزائه، وَمنعه مَعْنَاهُ لَا نسلم كَون هَذَا مَا وضع بإزائه الِاسْم (بِالنَّقْلِ) مُتَعَلق بيدفع، فَإِن كَانَ لغويا ينْقل عَن أهل اللُّغَة، وَإِن كَانَ شَرْعِيًّا عَن أهل الشَّرْع، وعَلى هَذَا الْقيَاس (وَفِي) منع الْحَد (الْحَقِيقِيّ) بِأَن يُقَال لَا نسلم أَن هَذَا مَجْمُوع ذاتيات هَذَا الْمَحْدُود (الْعَجز) أَي عجز الحاد عَن دفع هَذَا الْمَنْع (لَازم) لِأَن معرفَة ذاتيات الماهيات الْحَقِيقِيَّة متعذرة، وَالْمرَاد تعذره بِالْقُوَّةِ الْعَاقِلَة، فَلَا يُنَافِي حُصُوله بالكشف الإلهي (لَا لما قيل) من أَنه (لَا يكْتَسب الْحَد بالبرهان للاستغناء عَنهُ) من جملَة الْمَقُول، وَكَذَا قَوْله (إِذْ ثُبُوت أَجزَاء الشَّيْء لَهُ لَا يتَوَقَّف إِلَّا على تصَوره) بَيَانه أَن الْحَد مَجْمُوع أَجزَاء الْمَحْدُود، وَلَا فرق بَينهمَا إِلَّا بالإجمال وَالتَّفْصِيل فتغايرهما اعتباري، وكما أَن ثُبُوت الشَّيْء لنَفسِهِ من غير اعْتِبَار تغاير بَينهمَا ضَرُورِيّ مستغن عَن الْبَيَان كَذَلِك مَعَ التغاير الاعتباري غَايَة الْأَمر فِيهِ تَفْصِيل الْأَجْزَاء بِثُبُوت أَجزَاء الشَّيْء لَهُ لَا يتَوَقَّف إِلَّا على تصور ذَلِك الشَّيْء تَفْصِيلًا، وَهُوَ حَاصِل فِي نفس الْحَد، ثمَّ علل النَّفْي بقوله (لِأَن الْفَرْض) أَي الْمَفْرُوض (جَهَالَة كَونهَا) أَي أَجزَاء الشَّيْء الَّتِي هِيَ الْحَد (أَجزَاء الصُّورَة الإجمالية) الَّتِي هِيَ الْمَحْدُود (ونسبتها) أَي تِلْكَ الْأَجْزَاء (إِلَيْهَا) أَي الصُّورَة الإجمالية (بالجزئية مُجَرّد دَعْوَى فَلَا يُوجِبهُ) أَي ثُبُوت كَونهَا أَجزَاء للصورة الإجمالية (إِلَّا دَلِيل) والمفروض عَدمه (أَو للدور) عطف على قَوْله للاستغناء أَي لَا يكْتَسب الْحَد بالبرهان للُزُوم

الصفحة 29