كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

الخبري، والمفرد الَّذِي من شَأْنه أَنه إِذا نظر فِي أَحْوَاله أوصل إِلَيْهِ كالعالم، وَأما إِذا أخذت الْمُقدمَات مَعَ التَّرْتِيب فَلَا معنى للنَّظَر، وحركة النَّفس فِي الْأُمُور الْحَاضِرَة الْمرتبَة، وَقَوله خبري احْتِرَازًا عَمَّا يُمكن التَّوَصُّل بِهِ إِلَى مَطْلُوب تصوري ويشمل مَا كَانَ بطرِيق الْعلم وَالظَّن (فَهُوَ) أَي الدَّلِيل (مُفْرد) يَعْنِي مَا يُقَابل الْجُمْلَة، ومبني هَذَا التَّفْرِيع على أَن المُرَاد بِمَا يُمكن هُوَ الْمَوْجُود الْعَيْنِيّ الَّذِي بِهِ التَّوَصُّل كالعالم، لَا القضايا والتصديقات، وَمَا سبق من التَّعْمِيم: إِنَّمَا هُوَ مُقْتَضى ظَاهر التَّعْرِيف (قد يكون) ذَلِك الْمُفْرد (الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِي الْمَطْلُوب) الخبري (كالعالم) فِي قَوْلنَا: الْعَالم حَادث، فَإِنَّهُ يتَوَصَّل بِالنّظرِ فِي حَاله: وَهُوَ الْمُتَغَيّر بِأَن نحمله عَلَيْهِ مثلا، ثمَّ نجعله مَوْضُوعا للحادث فينتج (أَو الْوسط) عطف على الْمَحْكُوم عَلَيْهِ كالمتغير فِي الْمِثَال الْمَذْكُور فَإِنَّهُ يتَوَصَّل بِالنّظرِ فِيهِ بجعله مَحْمُولا فِي الصُّغْرَى وموضوعا فِي الْكُبْرَى إِلَى الْمَطْلُوب الْمَذْكُور ٠ (وَلَو كَانَ) كَونه مَحْكُومًا عَلَيْهِ أَو حدا أَوسط (معنى) أَي من جِهَة الْمَعْنى والمآل، لَا بِحَسب ظَاهر الْحَال (فِي السمعيات) ظرف لكَونه معنى، وَالْمرَاد بهَا الْأَدِلَّة السمعية، فَإِنَّهَا بِحَيْثُ إِذا فصلت وأبرزت فِي صُورَة الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة يظْهر عِنْد ذَلِك أَن مَا هُوَ منَاط الِاسْتِدْلَال مَحْكُوم عَلَيْهِ أَو حد أَوسط (وَمِنْه) أَي من الدَّلِيل الْمُفْرد (نَحْو أقِيمُوا الصَّلَاة) وَإِن كَانَ جملَة صُورَة، لِأَن الْجُمْلَة إِذا أُرِيد بهَا لَفظهَا كَانَت مُفردا، فَهُوَ دَلِيل مُفْرد يتَوَصَّل بِالنّظرِ فِيهِ إِلَى مَطْلُوب خبري نَفسه مَحْكُومًا عَلَيْهِ فِيهِ، وَصفته حد أَوسط فِيهِ، تَقْرِيره أقِيمُوا الصَّلَاة أَمر بإقامتها. وَالْأَمر بإقامتها يُفِيد الْوُجُوب، فأقيموا الصَّلَاة يفِيدهُ (ذكر كل) من هذَيْن يَعْنِي الْعَالم، وَأقِيمُوا الصَّلَاة إِنَّه دَلِيل اصْطِلَاحا (إِلَّا أَن من أفرد) أَي قَالَ بِأَن الدَّلِيل مُفْرد (وَأدْخل الِاسْتِدْلَال فِي مُسَمّى الدَّلِيل) كالآمدي وَابْن الْحَاجِب فَإِنَّهُمَا ذكرا أَن من أَقسَام الدَّلِيل السمعي الِاسْتِدْلَال زِيَادَة على الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس (فَهُوَ ذاهل) عَن اعْتِبَاره الْإِفْرَاد فِي مُسَمَّاهُ، وَإِلَّا لما أَدخل فِيهِ مَا لَيْسَ بمفرد، فَإِن الِاسْتِدْلَال ثَلَاثَة: التلازم، وَشَرَائِع من قبلنَا، والاستصحاب، وَقيل: وَالِاسْتِحْسَان، وَقيل بل الْمصَالح الْمُرْسلَة، وَسَيَجِيءُ بَيَانه، والتركيب لَازم فِي التلازم (وَعند المنطقيين) الدَّلِيل (مَجْمُوع الْمَادَّة) وَهِي المعلومات التصديقية الَّتِي ترتبت (وَالنَّظَر: فَهُوَ الْأَقْوَال) وَالْقَوْل الْمركب التَّام الْمُحْتَمل للصدق وَالْكذب، وَالْمرَاد بِالْجمعِ مَا فَوق الْوَاحِد (المستلزمة) قولا آخر، حذفه لشهرته (وَلَا تخرج) عَن التَّعْرِيف (الأمارة) كَقَوْلِك إِن كَانَت بغلة القَاضِي على بَابه فَهُوَ فِي الْمنزل لَكِنَّهَا على بَابه (وَلَو يُزَاد لنَفسهَا) بعد المستلزمة لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِم لذاتها استلزاما ظنيا كَون القَاضِي فِي الْمنزل (بل) يُرَاد (ليخرج قِيَاس الْمُسَاوَاة) وَهُوَ مَا ركب من قضيتين مُتَعَلق مَحْمُول أولاهما مَوْضُوع الْأُخْرَى كأمساو لب وب مسَاوٍ لج، ينْتج أمساولج، لَكِن لَا لذاته، بل بِوَاسِطَة مُقَدّمَة أَجْنَبِيَّة كَمَا أَشَارَ

الصفحة 34