كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

إِلَيْهِ بقوله (لِأَنَّهُ) (أَي الاستلزام للأجنبية) وَهِي أَن كل مسَاوٍ لمساوي الشَّيْء مسَاوٍ لذَلِك الشَّيْء، وَلذَا لَا ينْتج أمباين لب وب مباين لج لعدم صدق الْأَجْنَبِيَّة هُنَا (وَلَا حَاجَة) إِلَى هَذِه الزِّيَادَة لإخراجه (لأعميته) أَي الدَّلِيل مَا هُوَ مُسْتَلْزم بِنَفسِهِ وَمَا هُوَ بِوَاسِطَة (فَيدْخل) قِيَاس الْمُسَاوَاة فِي الدَّلِيل وَلَا مَحْظُور، غَايَة الْأَمر يسْتَلْزم كَون الدَّلِيل أَعم من الْقيَاس، ثمَّ إِنَّه وَقع فِي عبارَة كَثِيرَة: مَتى سلمت لزم عَنْهَا فَقَالَ (وَلَا) حَاجَة (لقيد التَّسْلِيم) اللَّام بِمَعْنى إِلَى (لِأَنَّهُ) أَي قيد التَّسْلِيم (لدفع الْمَنْع) الَّذِي يتَوَهَّم وُرُوده على أَفْرَاد الْقيَاس (لَا) لِأَنَّهُ شَرط (للاستلزام) أَي استلزام الْأَقْوَال (لِأَنَّهُ) لَازم (للصورة) أَي لصورتها الْحَاصِلَة من ترتيبها، وَإِذا كَانَ لَازِما لَهَا (فتستلزم) الْأَقْوَال مَا تستلزمه الصُّورَة، لَكِن الصُّورَة لَازِمَة لتِلْك الْأَقْوَال (دَائِما على نَحْوهَا) أَي الْأَقْوَال، فَإِن كَانَت قَطْعِيَّة استلزمت قَطْعِيا، وَإِن كَانَت ظنية استلزمت ظنيا، وَإِن كَانَت صَادِقَة أنتجت صَادِقا وَإِلَّا كَاذِبًا، وَلَك إرجاع ضمير فتستلزم إِلَى الصُّورَة وَالْمعْنَى ظَاهر، فَعلم أَن معنى قَوْلهم: مَتى سلمت حَاصِل وَإِن لم يذكر (وَلزِمَ) من الْعلم بِحَقِيقَة النّظر (سبق الشُّعُور بالمطلوب) على النّظر وَالدَّلِيل، لِأَن حَرَكَة النَّفس مِنْهُ نَحْو مباديه، ثمَّ مِنْهَا إِلَيْهِ فرع تصَوره كَمَا هُوَ شَأْن الْعلَّة الغائية، فَإِن طلب الْمَجْهُول محَال (كطرفي الْقَضِيَّة وكيفيتي الحكم): أَي كلزوم سبق الشُّعُور بالمحكوم عَلَيْهِ وَبِه الشُّعُور بكيفيتي النِّسْبَة الْوُقُوع واللاوقوع: يَعْنِي تصورهما بِلَا إذعان على الْقَضِيَّة لِأَنَّهَا عبارَة عَن المعلومات الْأَرْبَعَة وتحققها فِي الذِّهْن بِدُونِ الشُّعُور بهَا محَال، وَاكْتفى بِذكر كيفيتي النِّسْبَة عَنْهَا لِأَنَّهُمَا لَا يتصوران بِدُونِهَا، وكما أَن سبق الشُّعُور بِمَا ذكر بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَضِيَّة لَازم كَذَلِك بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يتركب مِنْهَا: وَهُوَ الدَّلِيل (والتردد) أَي وَلُزُوم تردد النَّاظر والمستدل قبل التَّوَصُّل بِهِ إِلَى الْمَطْلُوب (فِي) أَن (ثُبُوت أَحدهمَا) وَهُوَ الْمَحْكُوم بِهِ للْآخر وَهُوَ الْمَحْكُوم عَلَيْهِ (على أَي كيفيتيه) من الْوُقُوع أَو اللاوقوع ضَرُورَة الْعلم بتحقق أَحدهمَا، لَا على التَّعْيِين، وَإِلَّا يلْزم ارْتِفَاع النقيضين، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِلُزُوم التَّرَدُّد لِئَلَّا يلْزم الِاسْتِغْنَاء عَن الدَّلِيل، فَلم يلْزم طلب مَا لَا شُعُور بِهِ وَلَا طلب مَا هُوَ حَاصِل وَلَا عدم معرفَة أَنه الْمَطْلُوب إِذا حصل، وَلما ذكر الرَّازِيّ امْتنَاع اكْتِسَاب الْمَطْلُوب التصوري، لِأَنَّهُ إِمَّا مشعور بِهِ فَيلْزم تَحْصِيل الْحَاصِل، وَأما لَيْسَ بمشعور بِهِ فَيلْزم طلب الْمَجْهُول الْمُطلق، أَرَادَ أَن يدْفع ذَلِك فَقَالَ (والمحدود مَعْلُوم) للحاد (من حَيْثُ هُوَ مُسَمّى) للفظ معِين عِنْده مَجْهُول من حَيْثُ الْحَقِيقَة (فيطلب أَنه) أَي الْمَحْدُود (أَي مَادَّة مركبة) من الْموَاد المركبة: يَعْنِي أَن الحاد بعد علمه بالمحدود من حَيْثُ أَنه مُسَمّى بِهَذَا اللَّفْظ يطْلب حَقِيقَته المركبة من ذاتياته فَيتَوَجَّه نَحْو الْموَاد المركبة من ذاتيات الماهيات ليتعين عِنْده مِنْهَا مَا هُوَ حَقِيقَة فِي نفس الْأَمر بأمارات تدل على ذَلِك، وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن الْبَسِيط لَا يكْتَسب

الصفحة 35