كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)

مقدمتان أولاهما شَرْطِيَّة مُنْفَصِلَة حَقِيقِيَّة مُوجبَة حاصلها (عناد بَينهمَا) أَي بَين مفهومين على مَا تقدم (فِي الْوُجُود والعدم) مَعًا فهما قضيتان لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان، وإحداهما حملية هِيَ عين الْمُقدم أَو التَّالِي فينتج نقيض الآخر أَو نقيض أَحدهمَا فينتج عين الآخر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَفِي وجود أَحدهمَا عدم الآخر وَفِي عَدمه) أَي أَحدهمَا (وجوده) أَي الآخر، لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان (أَو) شَرْطِيَّة مُنْفَصِلَة مَانِعَة الْجمع مُوجبَة حاصلها عناد بَينهمَا (فِي الْوُجُود فَقَط) عطف على قَوْله فِي الْوُجُود والعدم، فهما قضيتان لَا يَجْتَمِعَانِ، ولكنهما قد يرتفعان (فَمَعَ وجود كل) مِنْهُمَا من الجزءين (عدم الآخر) ضَرُورَة عدم اجْتِمَاعهمَا (وَعَدَمه) أَي عدم كل مِنْهُمَا (عقيم) أَي غير منتج لوُجُود الآخر لجَوَاز ارتفاعهما مَعًا، مِثَال العناد فِي الْوُجُود فَقَط (الْوتر إِمَّا وَاجِب أَو مَنْدُوب، لكنه وَاجِب لِلْأَمْرِ الْمُجَرّد) عَن الْقَرَائِن الصارفة عَن الْوُجُوب (بِهِ) أَي بالوتر (فَلَيْسَ مَنْدُوبًا) وَلَو قيل لكنه مَنْدُوب أنتج فَلَيْسَ وَاجِبا، لكنه لَو قيل: لكنه لَيْسَ بِوَاجِب، أَو لَيْسَ بمندوب لم ينْتج لجَوَاز أَن لَا يكون وَاجِبا وَلَا مَنْدُوبًا (أَو) مُنْفَصِلَة حاصلها عناد بَينهمَا (فِي الْعَدَم) فَقَط فالمنفصلة حِينَئِذٍ مَانِعَة الْخُلُو (فَقلب الْمِثَال وَحكمه) أَي فمثاله قلب الْمِثَال الْمَذْكُور وقلب حكمه: يَعْنِي الْوتر إِمَّا لَا وَاجِب وَإِمَّا لَا مَنْدُوب، لِأَنَّهُ لَا يُمكن ارتفاعهما، إِذْ ارْتِفَاع لَا مَنْدُوب يَقْتَضِي وجود مَنْدُوب، فَلَو ارْتَفع مَعَ ذَلِك لَا وَاجِب لزم تحقق وَاجِب فَيلْزم أَن يكون ذَلِك الشَّيْء وَاجِبا ومندوبا، وَهَذَا خلف، وَإِذا ثَبت أَنَّهُمَا لَا يرتفعان مَعًا فمهما فرض ارْتِفَاع أَحدهمَا لزم وجود الآخر، وَإِلَّا يلْزم ارتفاعهما مَعًا (الطَّرِيق الثَّالِث) الْقيَاس الاقتراني وَهُوَ (انتساب الْمُنَاسب) للمطلوب (وَهُوَ) أَي الْمُنَاسب (الْوسط) أَي الْحَد الْأَوْسَط (لكل) اللَّام صلَة للانتساب: أَي لكل وَاحِد (من طرفِي الْمَطْلُوب) الْمَوْضُوع والمحمول (بِالْوَضْعِ والحل) بَيَان للانتساب أَي بِأَن يكون مَوْضُوعا لكل مِنْهُمَا، أَو مَحْمُولا لكل مِنْهُمَا أَو مَوْضُوعا لأَحَدهمَا مَحْمُولا للْآخر على مَا سنبين، وَذَلِكَ لِأَن النِّسْبَة بَين طَرفَيْهِ لما كَانَت مَجْهُولَة نظرية احْتِيجَ إِلَى أَمر ثَالِث مَعْلُوم النِّسْبَة إِلَى كل مِنْهُمَا يتَوَصَّل بِهِ إِلَى الْعلم بهَا (فَيلْزم) فِي تحقق انتسابه لَهما (جملتان خبريتان) تشْتَمل إِحْدَاهمَا على مَوْضُوع الْمَطْلُوب وَالْوسط، وَالْأُخْرَى على محموله مَعَه، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وهما) أَي الجملتان (المقدمتان) اللَّتَان هما جزآ الْقيَاس المركبان فِي الْحَقِيقَة (من) حُدُود (ثَلَاثَة) طرفِي الْمَطْلُوب، وَالْحَد الْأَوْسَط ينْفَرد كل مِنْهُمَا بِأحد طَرفَيْهِ، ويشتركان فِي الْأَوْسَط، وَإِنَّمَا لم يعْتَبر الْأَوْسَط اثْنَيْنِ مَعَ أَنه فِي الصُّورَة كَذَلِك (لتكرر الْوسط) والمكرر شَيْء وَاحِد فِي الْمَعْنى (وَيُسمى الْمَحْكُوم عَلَيْهِ فِي الْمَطْلُوب) حدا (أَصْغَر) لِأَنَّهُ فِي الْأَغْلَب أخص من الْمَحْمُول، والأخص أقل أفرادا، فَيكون

الصفحة 38