كتاب تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه (اسم الجزء: 1)
التَّحْرِيم المؤبد فَكَانَ الْمنْهِي عَنهُ بَاطِلا (وَكَذَا الصَّلَاة بِلَا طَهَارَة بَاطِلَة لمثله) أَي لانْتِفَاء أَهْلِيَّة العَبْد لَهَا بِلَا طَهَارَة شرعا فَصَارَ فعلهَا بِدُونِ الطَّهَارَة عَبَثا فقبح لعَينه (وَكَانَ يجب مثله) أَي بطلَان الصَّلَاة (فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة لَكِن الظَّن الْمُتَقَدّم) أوجب خِلَافه إِشَارَة إِلَى مَا سبق من قَوْله وَمَا خَالف فلدليل كَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة على ظنهم: أَي الْحَنَفِيَّة، فَإِنَّهُم حكوا بِصِحَّتِهَا مَعَ النَّهْي الْمحرم، أَو الْمُوجب لكَرَاهَة التَّحْرِيم للْحَدِيث الْمَذْكُور فِيمَا سبق، وَذَلِكَ لِأَن مُقْتَضى النَّهْي التَّحْرِيم الْمنَافِي للْجُوَاز (وروى عَن أبي حنيفَة بُطْلَانهَا كَمَا اخترناه وَهُوَ قَول زفر) والدراية تقَوِّي هَذِه الرِّوَايَة، فَلْيَكُن التعويل عَلَيْهَا (فَإِن لم يرتب) الشَّارِع على الْمنْهِي عَنهُ حكما يُوجب كَون النَّهْي عَن الْمنْهِي عَنهُ لعَينه (ظهر أَنه لم يعْتَبر فِيهِ جِهَة توجب قبحا فِي عينه كَالْبيع) الْفَاسِد فِي وَقت النداء للْجُمُعَة (على مَا تقدم فَينْعَقد سَببا) لحكمه كالملك (فَظهر أَن الِاخْتِلَاف) فِي المنهيات الشرعيات من حَيْثُ الانتهاض سَببا وَعَدَمه (لَيْسَ مُرَتبا على أَن النَّهْي عَن الشَّرْعِيّ يدل على الصِّحَّة) للمنهي عَنهُ كَمَا هُوَ معزو إِلَى الْحَنَفِيَّة وَإِلَّا لما اخْتلفت فِي انتهاضها مسَائِل على أَن النَّهْي إخْرَاجهَا عَن الْمَحَلِّيَّة لما ذكر لم تنتهض إِلَّا وانتهضت (وَقَوْلهمْ) أَي الْحَنَفِيَّة النَّهْي فِي المشروعيات (يدل على مشروعيته) أَي الْفِعْل الْمنْهِي عَنهُ (بِأَصْلِهِ لَا بوصفه إِنَّمَا يُفِيد صِحَة الأَصْل) أَي أصل الْفِعْل (وَلَا يخْتَلف فِيهِ) أَي فِي كَون الأَصْل صَحِيحا (لِأَنَّهُ) أَي الأَصْل (غير الْمنْهِي عَنهُ) الَّذِي هُوَ مَجْمُوع الأَصْل وَالْوَصْف (فَلَا يستعقب) كَون الْمنْهِي عَنهُ يدل على مَشْرُوعِيَّة الْفِعْل بِأَصْلِهِ (صِحَّته) أَي الأَصْل (بِوَصْف يلازمه) أَي الأَصْل، لَا يُقَال دلّ على صِحَة الأَصْل، وَالْوَصْف الملازم لَا يُفَارق الأَصْل فِي الْوُجُود فَلَا يُفَارِقهُ فِي الصِّحَّة أَيْضا لجَوَاز أَن يكون الشَّيْء بِالنّظرِ إِلَى نَفسه صَحِيحا، وبالنظر إِلَى وَصفه فَاسِدا وَإِن كَانَ ذَلِك الْوَصْف لَازِما لذاته، وَالله أعلم.
تمّ الْجُزْء الأول ويليه الْجُزْء الثَّانِي، وأوله: الْفَصْل الْخَامِس فِي الْمُفْرد بِاعْتِبَار اسْتِعْمَاله.
الصفحة 387
392